Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 6-7)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وكَذلكَ } كما حفت كلمات ربك على هؤلاء الأمم المتحزبين ، وقوم نوح بالعذاب { حقَّتْ كلمةُ رَّبك } بالاهلاك ، وكلمات ربك قوله تعالى : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } [ الروم : 47 ] فانه كلام مشتمل على كلمات أو هن كل كلام فى القرآن يتضمن نصره صلى الله عليه وسلم وهذا أولى { على الَّذين كَفَروا } من قومك ، أهلكوا يوم بدر لتكذيبهم لك ، وهمهم بأخذك ، وجدالهم بالباطل ليدحضوا به الحق { أَنَّهم } لأنهم { أصْحاب النَّار } ناب التعليل بكونهم من أصحاب النار مناب التعليل بأنهم مكذبون هامون بالأخذ ، مجادلون بالباطل لأن النار ثمرة ذلك ، وصحبتها آخر أوصافهم وشرها ، أو أنهم الخ بدل كلمات بدل اشتمال ، فيفيد أن قومه صلى الله عليه وسلم مهلكون فى الدنيا وفى الآخرة على طريق الاخبار ، لا على أن الاهلاك على الاخبار ، وأن عذاب النار بالتعليل . ويجوز عود الكلام على هؤلاء الأحزاب ، وأنهم الخ بدل كذلك أى كما حقت كلمات ربك على هؤلاء بهلاك الدنيا ، حق عليهم أنهم أصحاب النار ، أى سبق القضاء بذلك ، أو ثبت ذلك ، وسلاه صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة الذين هم بالمحل الأعلى على ما هو عليه ، وفى نصرته ، وذلك فى قوله تعالى : { الَّذينَ يحْمِلونَ العَرْش } الخ مبتدأ خبره قوله تعالى يسبحون ، والواو فى يسبحون للذين يحملون ، ولمن حول العرش ، لأن من حول العرش عطف على الذين يحملون لا على العرش فهم مسبحون لا محمولون ، كما حمل العرش ، وهو جسم عظيم من جوهر أخضر بين كل قائمتين خفقان الطائر المسرع ثمانين ألف عام ، ويروى ثلاثين ألف عام ، قيل لو مسح مقعره بجميع مياه الدنيا مسحا خفيفا لقصرت عن استيعابه ، حمله حقيقة على أكتافهم ، وقيل قيام بأحوال العرش . أخرج أبو داود ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لى أن أخبر عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ، وهم ثمانية أملاك ، أو صفوف يتجاوبون بصوت رخيم ، يقول أربعة : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد عفوك ، وأربعة منهم : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ، وعن ابن عمر : حملة العرش ثمانية بين موق أحدهم الى مؤخر عينيه مسيرة خمسمائة عام ، ويقال ما بين أضلافهم وركبهم ما بين السماء والأرض ، وعن ابن عباس : ما بين الكعب وأسفل القدم خمسمائة عام . وقيل : اليوم كانوا أربعة لكل واحد جناحان ستر بهما وجهه لئلا يذوب أو يضعف بالنظر الى العرش ، وجناحان يحركهما فى الهواء ، ويوم القيامة ثمانية مدت الأربعة بأربعة لهوله ، وهم على صورة الوعل ، وقيل : ملك كالإنسان ، يشفع لأرزاق الناس ، والآخر كنسر لأرزاق الطير ، وملك كالثور لأرزاق البهام ، وملك كالسبع لأرزاق السباع ، وقعوا على ركبهم لثقل العرش فلقنهم الله : لا حول ولا قوة إلا بالله فقاموا قيل : هم ثمانية أقدامهم فى الأرض السابعة ، ورءوسهم فوق السماء السابعة ، لهم قرون كطولهم ، حملوا العرش عليها ، وهم خشوع ، وقيل : فوق العرش ، ويقال الأرضون والسموات الى أحجازهم ، لا يرفعون طرفهم ، وفى صحيح ابن أبى شيبة كلامهم بالفارسية أى الا التسبيح فبالعربية والله أعلم بصحة ذلك . وعن وهب : لا كلام لهم الا قولهم قدوس ، الله القوى ، ملأت عظمة السماوات والأرض ، وقيل تسبيحهم كلهم سبحان الحى الذى لا يموت ، سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح ، سبحان ذى الملك والملكوت ، سبحان ذى العزة والجبروت . { ومَنْ حَوْله } من الملائكة لا يعلم عددهم غير الله سبحانه ، وقيل : سبعون ألف صف يطوفون بالعرش مهللين مكبرين ، ومن ورائهم سبعون ألف صف وضعوا أيديهم على عواتقهم ، رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ، ومن ورائهم سبعون ألف صف ، وضعوا الأيمان على الشمال ، كل ملك من هؤلاء كلهم يسبح بما لا يسبح به الآخر ، ومن تسبيح ملائكة العرش : سبحانك وبحمدك ، ما أعظمك وأجلك ، أنت الله لا اله غيرك ، أنت الأكبر والخلق كلهم اليك ، راجعون . ويروى : سبحان ذى العزة والجبروت ، سبحان ذى الملك والملكوت سبحان الحى الذى لا يموت ، سبوح قدوس ، رب الملائكة والروح ، والعرش قبلة لأهل السماوات ، وبينه وبين السماء السابعة سبعون ألف حجاب ، حجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وحجاب نور ، وحجاب ظلمة ، وهكذا ، ويقال : مخلوقات البر عشر مخلوقات البحر ، والكل عشر مخلوقات الجو ، والمجموع عشر ملائكة السماء الدنيا ، وكل سماء عشر سماء فوقها ، والمجموع عشر ملائكة الكرسى ، وكل ذلك عشر الحافين حول العرش ، لا نسبة بين ذلك ، وسائر جنود الله الا عند الله { وما يعلم جنود ربك إلا هو } [ المدثر : 31 ] . والكروبيون جمع كروبى بفتح الكاف وتخفيف الراء ، هم حلمة العرش ، والحافون ، وقيل : هم حملة العرش ، وأنهم أول الملائكة خلقا نسب الى الكرب بمعنى القرب منزلة عند الله تعالى أو بمعنى الشدة والحزن ، وهم أشد الملائكة خوفا ، ومن هذا ذكر البيهقى أنهم ملائكة العذاب ، وأفضل الملائكة حملة العرش ، لأنهم يلون العرش ، ثم حملة الكرسى ، وهم أخشع من ملائكة السماء السابعة ، وكل أهل سماء أخشع من أهل سماء تحتها ، وملائكة السماء الدنيا أخشع من ملائكة الأرض ، والعرش قبلة لأهل السماوات . { يُسبِّحونَ بحَمْد ربِّهم ويُؤمنونَ بِهِ } الإيمان التام ، وهم فى نصرة المؤمنين ، واعتقاد أهل الحق أن الله موجود ، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، ولا يحويه مكان ولا زمان ، ولا العرش ولا الكرسى ، ولا تراه الملائكة الحاملون للعرش ولا غيرهم ، ألا ترى أنهم موصوفون بالايمان ، والايمان انما هو فى غير ما يشاهد ، واذا كان فيما يشاهد فلأمر فى شأنه كالرسالة للنبى المشاهد صلى الله عليه وسلم . { ويَسْتَغفرونَ للَّذين آمنُوا } من الانس والجن ، لأن الايمان أفضل الأشياء ، وهو جامع بين الملائكة ، وبين الانس والجن ، مع تغاير نوع الملائكة ونوعيها ، وأما قوله تعالى : { ويستغفرون لمن في الأرض } فعلى العموم ، وفى المؤمن والكافر ، لكن بمعنى ادرار الرزق ، والمنافع ، ودفع المضار ، والأصل فى ذلك المؤمنون ، ويجوز أن يكون المراد الذين آمنوا ، يستغفرون لهم بذلك ، ومحو الذنوب أو به ، قال شهر بن حوشب : حملة العرش ثمانية ، أربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على حلمك بعد علمك ، وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك قال : كأنهم يرون ذنوب بنى آدم . { ربَّنا وَسِعْت كُلَّ شيءٍ رحْمةً وعِلْماً } الخ مفعول به ليستغفر ، لتضمنه معنى القول ، كأنه قيل : ويقولون فى شأن الذين آمنوا : { ربنا وسعت } الخ ، واللام للاستحقاق ، والنفع وتئول الى ما رأيت ، وقدر بعضهم القول حالا من واو يستغفرون ناصبا أى قائلين : { ربنا وسعت كل شيء } أو يقدر يقولون ربنا الخ عطف بيان من قوله : { يستغفرون } على جواز عطف البيان فى الجمل ، ونصب رحمة وعلما على التمييز المحول عن الفاعل ، أى وسعت رحمتك وعلمك ، اى رحمتك وعلمك واسعان كل شىء ، وذلك مبالغة إذ جعل ذاته واسعا والوسع للرحمة والعلم ، وكأنه قيل : أنت ذو الرحمة والعلم الواسعين كل شىء . { فاغْفر للَّذين تابُوا } من الذنوب كبارها وصغارها ، بمعنى أنه أتوا بصالح الأعمال ، أو لا عمل لهم صالح الا التوبة النصوح آخر أعمارهم ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " من تاب من ذنب ولم يعد إليه حتى مات كتب له بكل ذنب عمله في فسقه عبادة سنة " { واتَّبعُوا سَبيلَك } الفاء سببية وتفريعية على قولك { رحمة وعلما } لأن الرحمة سبب للغفران ، والرحيم يعفو ، ولأن علمه شامل لهم لتوبتهم ، وكأنه قيل : اغفر لهم فقد علمت توبتهم وابتاعهم سبيلك { وقِهِمْ عَذَابَ الجَحيم } تأكيد لأن المغفور له لا يعذب .