Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 14-14)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذ جاءتهُم الرسل } متعلق بنعت محذوف أى صاعقة عاد وثمود الواقعة ، إذ جاءتهم الرسل ، هم رسولان : هود وصالح ، عبر عنهما بالجمع لعظم شأنهما ، أو هما رسل كثيرة باعتبار كثرة أفراد القبيلتين ، فكل واحد منهما رسول الى هذا ، ورسول الى هذا ، ورسول الى ذاك ، وهكذا مثل تنزيل تغاير الصفات ، بمنزلة تغاير الذوات ، أو الرسل هود وصالح ورسلهما ، أو هما ومن قبلهم ومن بعدهم ، لأن الدعوة واحدة ، لكن فيه الجمع بفى الحقيقة والمجاز ، لأن مجىء غيرهما مجاز ، وصاعقة معرفة لاضافته الى العلم ، وحذف الموصول الذى هو أل ، وصلته جائز . { مِن بَيْن أيْديهِم ومِن خَلفهم } عن جميع جهاتهم ، عبر عنهن بالجهتين ، كما يعبر عن اليوم بالبكرة والعشق ، ومعنى ذلك اجتهادهم فى الانذار ، أو جاءهم بالانذار عما أصاب من قبلهم من الكفار ، وما يصيب من بعدهم أو بالعكس ، إذ لهما علم بأنه ستجىء رسُل تكذبهم أقوامهم ، فيهلكون أو أحدهما لما مضى ، والآخر للآخرة ، وينبغى أن يكون هو خلفهم هنا ، واستعير اسم المكان للزمان ، والمعنى جاءتهم الرسل المتقدموت والمتأخرون ، كان مجىء كلامهم مجىء أبدانهم ، والدعوة واحدة الى الاسلام ، وما لا تختلف فيه الشرائع ، كما قال قال الله عز وجل . { ألا تعْبُدوا إلا الله } أو من بين أيديهم ومن خلفهم كناية عن كثرة الرسل ، كقوله تعالى : { يأتيها رزقها رغداً من كل مكان } [ النحل : 112 ] وإن حرف تفسير لأن المجىء بالوحى فيه معنى القول دون حروفه ، ولا ناهية ، ولا يجوز أن تكون ناصبة على أن لا ناهية ولا مخففة ، على أن لا ناهية ، بل حاجة الى دعوى التخفيف ، واضمار اسمها ، ولا دليل عليه ، وذلك أنه لا خارج للنهى يكون منه المصدر ، ، ويجوز أن تكون ناصبة ولا نافية ، والمصدر مقدر بالباء متعلقة بجاءت ، أى بأن لا تعبدوا إلا الله ، أى بانتفاء عبادتكم غير الله ، أى بوجوب أن لا تعبدوا إلا الله ، فحذف المضاف ، وكأنه قيل : فماذا قالوا ؟ فقال الله جل وعلا : { قالوا لو شاء ربنا } إرسال الرسل { لأنزل ملائكة } أى لأنزلهم رسلا ، أو انزل بمعنى أرسل استعمالا للمطلق فى المقيد ، قيل : اختار الانزال لأن إرسالهم إنما يكون بطريق الانذار ، ويجوز تقدير مفعول المشيئة من جنس الجواب كما هو الكثير ، أى لو شاء ربنا إنزال الملائكة رسلا لأنزل ملائكة ، ولا مانع له وهم فى السماء ، وأقوى ، ولما لم ينزلهم علمنا أنكم لستم رسلا منه ، إذا لا يترك الأقوى القريب فى محل الوحى ، ويرسل الضعيف البعيد { فإنَّا بما أرسلتُم به كافرون } لأنكم مثلنا بشر مثلنا لا مزية لكم علينا ، لكن لم ينزلهم فانا كافرون بالأمر الذى أرسلتم به على زعمكم ، أو أثبتوا ارسالهم ارسالهم تهكما أو يقدر اذا لم ينزلهم فانا الخ ويضعف عود الهاء الى النهى عن العبادة لغيره ، أو الى انتفاء صحتها ، فتكون ما مصدرية . لما أسلم عمر وحمزة والعباس وغيرهم ، وخاف الكفرة انتشار الاسلام قال أبو جهل ، وعتبة بن ربيعة ومن معهما الملأ : التمسوا رجلا يعلم السحر والكهانة والشعر ، يكلم محمدا فقد التبس علينا أمره ، فقال عتبة بن ربيعة : أنا أعرف ذلك ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد أأنت خير من هاشم وعبد المطلب ؟ لِمَ تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ، إن أحببت الرياسة عقدنا لك ألويتنا ، أو المال جمعنا لك ما يغنيك وعقبك ، أو التزوج زوجناك عشرا من قريش تختارهن ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم حم * تنزيل من الرحمن الرحيم } [ فصلت : 2 ] الى { مثل صاعقة عاد وثمود } [ فصلت : 13 ] فأمسك فاه وأنشده بالرحم أن يسكت ، وقرأ حتى بلغ السجدة ، فخرج ولزم بيته ، فقال أبو جهل : ما أراه إلا قد صبأ الى محمد ، وأعجبه طعامه لحاجة أصابته ، فذهبوا اليه فقال : يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت الى محمد ، وأعجبك أمره ؟ فان احتجت جمعنا لك ما يغنيك عن محمد ، وإنما أراد اغضابه ليوسع فى الكلام بما عنده . فغضب فقال : والله لقد علمتم أى أكثر قريش مالا ، والله لا أكلم محمداً أبدا ، ولكن تكلم بكلام ما هو شعر ولا سحر ولا كهانة ، { بسم الله الرحمن الرحيم * تنزيل من الرحمن الرحيم } [ فصلت : 2 ] الى أن قال : { صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } [ فصلت : 13 ] فأمسكت على فيه ، وناشدته الرحم أن يكف خوفا منى عليكم أن تهلكوا ، وقد علمتم أنه إذا قال شيئا وقع ، قال ربيعة : والله ليكونن لقوله نبأ ، دعوه فان تصبه العرب كفوكم ، وإلا فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وأنتم أسعد الناس به ، قالوا : سحرك يا أبا الوليد بلسانه ، فقال : هذا رأيى لكم ، فاصنعوا ما بدالكم .