Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 5-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقالُوا } حين دعاهم الى التوحيد { قلُوبُنا في أكنَّةٍ } أغطية عظيمة لا ينفذها بصر ، ولا شىء ، ولا يخرقها ، والمفرد غطاء بالكسر ، وعن مجاهد هى جعاب النبل ، وهو غطاء أيضا للنبل ، وذلك استعارة عن القسوة العظيمة ، ووزنه أفعلة نقلت كسرة النون الأولى الى الكاف الساكنة ، وأدغمت فى النون بعدها { ممَّا تدْعُونا إليْه } من الايمان بالله وحده ، واتباع سائر ما يوحى ، ومن للابتداء كقولك : رأيته من ذلك الجبل ، تريد تحصلت لى رؤيته من الجبل الذى هو فيه ، وأنا فى غيره ، أو بمعنى عن ، وعلى كل حال تتعلق بأكنة { وفي آذاننا وَقْر } ثقل سمع لا نسمع الأصوات ، وذلك استعارة عن الاعراض التام بالقلوب . { ومِنْ بَيْننا وبيْنِك حجاب } عظيم يمنعنا من التواصل يستوعب القسمة ، لأن من للابتداء من جانب كل ، فينتهى كل الى الآخر ، ولو لم يذكر قوله : { وبينك } وغلب التكلم على الخطاب ، فكيف وقد ذكره ، ولو لم يذكر من احتمل الاستيعاب وعدمه ، ولو ذكر قوله : { وبينك } بالغوا فى إقناط رسول الله صلى الله عليه وسلم من ايمانهم بثلاث جمل تمثيليات ، سدوا محل المعرفة وهو القلب ، وما يوصل اليه المعرفة ، وهو السمع والبصر الممنوع بالحجاب ، والحجاب مستعار للقسوة ، أو الامتناع الشديد ، والكلام كنايات متعددة بدون استشعار تشبيه ، أو استعارات مفردات أو استعارة تمثيلية ، وكذا تجوز فى الجملتين قبل ، وفى قوله : " قلوبنا في أكنة " استعلاء الأكنة على القلوب ، لأن الغطاء مستعل على ما غطى به ، فهو موافق لقوله تعالى : { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة } [ الكهف : 57 ] فى الاسراء والكهف وكانت بعلى لأن الاسناد فيهما الى الله عز وجل ، فناسب الاستعلاء اذ قال : { جعلنا } وهنا حكاية كلامهم فكان بفى ، وزادوه اقناطا بما ذكر الله عنهم فى قوله عز وجل : { فاعْمَل } على دينك { إنَّنا عامِلونَ } على ديننا ، أو اعمل جهدك فى كيدنا بابطال ديننا ، إنا عاملون كذلك فى إبطال دينك ، وفى هذا المعنى أيضا اقناط ، الا أن فى الأول متاركة ، وفى هذا مجاهرة فى العناد . والمقصود بالذات أنا عاملون وأما فاعمل فتوطئة له ، قال عمر رضى الله عنه : " أقبلت قريش الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما يمنعكم من الاسلام فتسودوا العرب فقالوا : يا محمد ما نفقه ما تقول ، ولا نسمعه ، وأن على قلوبنا لغلفا فأخذ أبو جهل لعنه الله ثوبا فمده بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أى كالستر فقال : يا محمد قلوبنا فى أكنة مما تدعونا اليه ، وفى آذاننا وقر ، ومن بيننا وبينك حجاب ، ولما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا الى النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أعرض علينا الاسلام ، فلما عرض عليهم الاسلام أسلموا عن آخرهم فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم وقال : " الحمد لله بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفاً وقلوبكم فى أكنة مما أدعوكم اليه ، وفى أذانكم وقراً وأصبحتم اليوم مسلمين " فقالوا : يا رسول الله بالأمس ، لو كان كذلك ما اهتدينا أبدا ، ولكن الله تعالى الصادق ، والعباد الكاذبون عليه وهو الغنى ، ونحن الفقراء اليه " ، ولعل الحديث لم يثبت الا ان ارتدوا بعد .