Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 50-51)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أو يُزوجهُم ذُكرانا وإناثا } كرسول الله صلى الله عليه وسلم له أربعة بنين وأربع بنات ، والتزويج جعل الشىء زوجا ، فذكرانا حال من الهاء ، أى يزوج الأولاد ذكرانا واناثا أى يخلق ما يهب لهم زوجا زوجا ، وعطف بأو لأنه قسم الانفراد المشتركين الأولين ، والواو للمعية ، لأن حق ما بعدها التأخير عن القسمين سياقا ووجودا ، أو لأن المراد : يهب لمن يشاء ما لا يهواه ، ويهب لمن يشاء ما يهواه ، او يهب النوعين ، ولتركبه منهما لم يذكر المشيئة . { ويَجْعل مَن يشاء عقيما } لا يولد له كيحيى وعيسى ، ذكر المشيئة لأنه قسم آخر ، قال مجاهد : التزويج أن تلد المرأة غلاما ثم جارية ، وقال محمد بن الحنفية : أن تلد غلاما وجارية من بطن واحد ، وقيل الآية فى الأنبياء ، وهب لشعيب ولوط اناثا ، ولابراهيم ذكورا ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكورا واناثا ، وجعل عيسى ويحيى عقيمين { إنه عليمٌ قديرٌ } لا يعجزه ذلك ولا غيره ، قالت قريش : يا محمد ألا تكلم الله وتنظر اليه ، كما كلمه موسى ونظر اليه ان كنت نبيا صادقا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " لم ينظر موسى الى الله تعالى " فنزل : { وما كانَ لبشرٍ أن يكلِّمه الله إلا وحياً } الخ قالت عائشة رضى الله عنها من زعم أن محمدا رأى ربه فقد كذب على الله سبحانه وتعالى ، ثم قرأت : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } [ الأنعام : 103 ] وقرأت : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } الخ ووحياً مفعول مطلق على حذف مضاف ، أى إلا كلام وحى ، أو مفعول مطلق لحال محذوفة أى إلا موحياً وحيا ، أى ايحاء ، ولا يجعل المصدر حالا مبالغة ، أو لتأويل الوصف ، أو تقدير مضاف مثل مصاحب ، إلا إذا لم يوجد إلا ذلك ، ولا ثقل : إن القرآن هو المقيس عليه وفيه ما ظاهره وقوع المصدر حالا ، فنقيس وقوع المصدر حالا ، لأنا نقول لم تترجح حالية المصدر فيه ، ولم تتعين ، فكيف يقال بحالية المصدر ، وان تعين فى موضع فقيل لا يقاس عليه ، وقيل : منصوب على الاستثناء المنقطع بناء على أنه غير مفرغ ، وأن الكلام قبله تام أى ما كان لبشر أن يكلمه الله مشافهة لكن كلامه وحى ، تعالى عن الجوارح وسائر صفات الخلق . والوحى هنا الالقاء فى القلب فى اليقظة أو المنام ، والالقاء أعم من الالهام ، فان الايحاء الى أم موسى الهام ، والى ابراهيم القاء فى المنام ، وايجاد الزبور إلقاء فى اليقظة ، وشهر أن غير القرآن من كتب الله عز وجل نزل مكتوبا ، ويجوز اطلاق الالقاء على الكتب المنزلة مكتوبة ، والالهام لا يستدى صورة كلام نفسى فى قلب السامع ، بل يستدعى مطلق فهم ، والله منزه عن الكلام النفسى ، والزبور يستدعيه ، وحاء اطلاق الوحى على الإلقاء فى قول عبيد بن الأبرص : @ وأوحى الى الله أن قد تأمروا بابل أبى أوفى فقمت على رجل @@ { أو مِن وراء حجابٍ } أى أو كلاما من وراء حجاب على المفعولية المطلقة ، أو موحيا صوتا خلقه الله حيث شاء من وراء حجاب ، أو مسمعاً من وراء حجاب على الحال يسمع صوتا خلقه الله فى الجو ، أو حيث شاء ، وذلك تمثيل بسلطان يكلم بعض خواصه محتجبا { أو يُرسلُ رسُولا } ملكا { فيوحي } الرسول { بإذْنِه } باذن الله الى النبى { ما يَشَاء } الله تعالى ، وهو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم غالبا ، وكثير من الأنبياء ، وزعم بعض أنه من خصوصيات أولى العزم ، والعطف فى قوله : { أو يرسل } على وحيا بالمعنى كعطف التوهم على أن الاستثناء منقطع ، اذا المعنى لكن يوحى وحيا ، أو على موحيا الناصب لوحيا ، أو على مسمعا ، أو موحيا العامل فى { من وراء حجاب } وان قدرنا كلام وحى فالعطف على كلام بتأويل مصدر ، وتقدير ان الناصبة حذفت ورفع الفعل ، كما يدل له قراءة النصب ، أى إلا كلام وحى ، أو أن يرسل رسول ، أى أو كلام ارسال رسول . ومن حلف لا يكلم فلانا فأرسل اليه بكلام حنث ان لم يعن فى يمينه كلام مشافهة لهذه الآية ، غير أن الاستثناء ان كان منقطعا لم تدل الآية على ذلك ، وظاهر الآية حصر الوحى فى ذلك ، لكن روى أن من الأنبياء من يكتب له فى الأرض ، وأقول : الذى عندى أن الكتب المنزلة مكتوبة داخلة فى ارسال الرسول ، لأنه يأتى بها جبريل ، فهو الرسول المرسل به ، والله الموفق . { إنه عليٌّ } شأنا ، وتنزه عن صفات الخلق { حَكيمٌ } يجرى وحيه على ما تقتضيه حكمته من أنواع الوحى .