Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 56-57)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فجعلناهم سَلفاً } متقدمين الى النار ، كما روى عن ابن عباس ، وزيد ، بن أسلم ، وهو أنسب بما قبله من الاغراق ، وقلت جماعة : قدوة لمن يتبعهم بعدهم على الكفر الذى يستوجبون به الانتقام ، لما اقتدوا بهم فى الكفر ، جعلوا كأنهم اقتدوا بهم فى الانتقام منهم ، والسلف ما تقدم عمن بعده ، وأصله مصدر فكان يطلق على الواحد فصاعدا ، وقيل : هو جمع سالف كحارس وحرس ، وخادم وخدم ، وهو جمع قليل ، فأولى منه أنه اسم جمع { ومَثَلا للآخَرين } عظة عظيمة تشبه المثل السائر ، فيقال : احذروا لئلا تصيروا الى مثل ما صار اليه فرعون وقومه ، ويقال : مثلكم مثل فرعون وقومه ، ويجوز أن يراد بالآخرين ما يشمل المؤمنين ، لأن الوعظ لهم ولغيرهم وللآخرين نعت لمثلا ، ويقدر مثله لسلفا ، وليس على التنازع ، إذ لا يتبادر التعلق بمثلاً وسلفا ، واذا علق بجعل انسحب عليهما بلا حذف ، ولا تنازع ، ومن ذلك عناد قريش المذكور فى قوله تعالى : { ولمَّا ضُربَ ابن مَريم مَثلاً } معول ثان لضُرب اى صُيِّرَ ، لمَّا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ الأنبياء : 98 ] الخ قال عبد الله بن الزبعرى قبل اسلامه ، عيسى عبد صالح نبى عندك ، وقد عبدته النصارى ، أيكون فى النار معهم ، واليهود عبدوا عُزيراً ، وبنوا المليح عبدوا الملائكة ، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم فى النار ، لا يكون ذلك ، فسكت ونزل { إن الذين سبقت لهم منَّا الحُسْنى } [ الأنبياء : 101 ] الخ أو هذه الآية ، وقيل قال : ما أجهلك بلغة قومك إن ما لمن لا يعقل ، وأظنه موضوعاً لأنها تكون فى القرآن أيضا للعاقل ، وتكون لهما ، وان سكت فانه سكت لظهور الأمر عندهم ، أن الملائكة وعزيزاً وعيسى لم يرادوا فى قوله تعالى : { إنكم وما تعبدون } [ الأنبياء : 98 ] الخ ، ولما فرغ ابن الزبعرى من كلامه فرحت قريش بذلك ، ظنا منهم أنه حجة فضحكوا ، وعلت أصواتهم كما قال الله تعالى : { إذا قومك منْه يَصدون } يتكلمون بكلام مرتفع مختلط فرحا ، كما قرىء بكسر الصاد ، والمكسور الصاد بمعنى رفع الصوت ، وقيل المعنى يصدون غيرهم عن سبيل الله ، أو يعرضون عنه ، فالمراد يدومون على ذلك ، أو يزيدون عليه بحجة داحضة ، وهى ما قال ابن الزبعرى ، ومن للتعليل أو للنسب ، أو للابتداء على معنى تولد زيادة الصد ، أو الثبوت ، أو ارتفاع الصوت منه ، والهاء للمثل أو لعيسى ، أو من المثل . وروى أنه لما نزل : { إن مثل عيسى عند الله } [ آل عمران : 59 ] الخ قالت المشركون : نحن أهدى من النصارى ، لأنهم عبدوا آدميا ، ونحن عبدنا الملائكة ، فنزلت الآية ، فالمثل ما فى قوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله } [ آل عمران : 59 ] الخ ، وضارب المثل الله تعالى : وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا خير في شيء يعبد من دون الله " فقال قريش : عيسى عبد فهو كآلهتنا ، فنزلت : { ولما ضرب ابن مريم } الخ وقيل : لما أنكر عليهم قولهم : الملائكة بنات الله ، وأنكر عبادتها على من يعبدها ، احتمل أنهم قالوا : ما قلنا بدعا من القول ، ولا فعلنا منكرا من الفعل ، فان النصارى جعلوا عيسى ابنا لله وعبدوه ، فنحن أحق ، إذ الملائكة أفضل من عيسى ، فنزل : { ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون } وقيل : نزل : { إن مثل عيسى } الخ فقالوا : ما أراد محمد إلا أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى ، فنزل : { ولما ضرب ابن مريم } الخ .