Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 12-13)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومِنْ قَبْله } أى قبل القرآ ، وهذا مما يرجح أن الضمائر للقرآن ، لأن الاخبار بأن قبل الكتاب كتابا أولى من الاخبار بأن قبل الرسول كتابا ، ولو كان جائزا { كتابُ مُوسَى } مبتدأ أخر عن الخبر للحصر ، أو كتاب موسى معطوف على شاهد ، فهو شاهد آخر ، وعليه فمن قبله حال من كتاب ، وفيه فصل كثير { إماماً } يقتدى به { ورحْمةً } حالان من الضمير فى الخبر { وهَذا } أى القرآن الذى يقولون انه إفك قديم ، وغير ذلك من الباطل { كتابٌ مُصدِّق } لكتاب موسى الذى هو امام ورحمة ، ولجميع الكتب الالهية بموافقته لها فى التوحيد وتوابعه , فكأنه هو كتاب موسى وسائر كتب الله سبحانه وتعالى ، فتكذيبه تكذيب لكتب الله تعالى كلها ، وكأنهم قالوا : هى كلها انك قديم { لساناً } حال من المستتر فى مصدقا ، أو من كتاب ، لأنه خبر عن اسم الاشارة المتضمن للحدث ، كأنه قيل أشير اليه حال كونه لسانا ، وصحت حاليته مع جموده لنعته بما هو كالمشتق وهو قوله : { عربياً } أى منتسباً أو منسوبا للعربية . وفائدة هذه الحال على أن الكلام مع اليهود أن كونه مصدقا ، كما دل على أنه حق دل على أنه وحى من الله عز وجل ، وعلى أن الكلام مع كفار مكة أنهم قد يسلمون التوراة والانجيل ونحوهما من كتب الله ، ولو كانوا ينكرون أحيانا الرسل والكتب كلها ، ولا يتبادر أن لسانا مفعول لمصدق ، على حذف مضاف أى مصدق ذا لسان عربى ، وذو اللسان العربى هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يصدقه هذا الكتاب بموافقة كتاب موسى وسائر كتب الله عز وجل ، ويجوز على هذا أن تكون الاشارة الى كتاب موسى عليه السلام ، أنه مصدق للسان العربى ، وهو القرآن أو لذى اللسان العربى { لتُنْذر الذين ظلموا } هم الكفرة متعلق بمصدق ، أو بمحذوف أى أنزلنا لتنذر الخ ، وهو أولى لظهروه من تعليقه بمصدق لاحتياجه الى تأويل مصدقا بمؤثر التصديق فى الجملة { وبُشْرى } اسم مصدر ، ومعناه التبشير مجرور بفتحة مقدرة على الألف نائبة عن الكسرة ، لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث معطوف على المصدر المجرور باللام ، أى لانذارك الذين ظلموا ، وللتبشير . ومن العجيب دعوى نصبه على التعليل عطفا على محل المصدر المذكور معتبرا باسقاط اللام وبالنصب ، أى انذارا ، وأعجب من هذا تخطئة من قال : ما ذكرته وتصويب تلك الدعوى العجيبة ، ومن التخليط تقدير هو بشرى ، ومنه عطفه على مصدق ، ومنه تقدير ويبشر بشرى ، ومنه دعوى أنه منصوب على نزع اللام ، ولو أمكن ذلك كله { للمُحْسنينَ } مقابل للذين ظلموا ، ولم يقل للعادلين ، مع أنه أشد مبالغة ليكون ذريعة الى البشارة بنفى الخوف والحزن لمن : { قالوا ربنا الله ثم استقاموا } [ فصلت : 30 ] ولم يقال : " للذين أحسنوا " مع أنه أنسب بظلموا للفاصلة ، وليكون المعنى لينذر الذين وجد منهم الظلم ، ويبشر الذين ثبتوا واستقاموا ، والوصف للثبات بخلاف الفعل ، فيناسب تعليل البشارة بقوله تعالى : { إن الَّذين قالُوا ربنا الله ثمَّ استقاموا } الخ أى ان الذين جمعوا بين التوحيد الذى هو خلاصة العلم بكتب الله ، والاستقامة فى الدين التى هى منتهى العمل ، وثم للترتيب الزمانى ، لأن وقت الاستقامة بالعمل متأخر عن وقت الاقرار بالتوحيد ، أو للتراخى الرتبى ، فان العمل متراخى الرتبة عن التوحيد ، فان التوحيد ، أفضل ولا يعتد بشىء قبله ، أو للتراخى الرتبى من وجه آخر هو علو التوحيد المقرون بالعمل عن التوحيد المجرد السابق ، أولا قبل العمل ، على فرض أن الاستقامة مستحضرة للتوحيد { فَلا خَوفٌ عليْهم } مما يلحق المشرك فى الدنيا لشركه ، وما يلحقه فى الآخرة { ولا هم يَحْزنُون } من فوت محبوب مما يحبونه ، ولا من لحوق مكروه ، والفاء فى خبر الموصول ، لأن المقصود به العموم ، لا مخصوصون فهو كاسم الشرط .