Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-17)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ والَّذي قال لوالديْه } حين دعواه الى الايمان بالله ورسوله والبعث ، وهو مبتدأ خبره أولئك الَّذين حق عليهم القول ، والمراد جنس من نازع أبويه فى الاسلام ، والبعث بدليل الاخبار عنه بأولئك الذين حق عليهم الخ ، والمراد العموم ، ولو نزلت فى واحد فقيل هو عبد الرحمن ابن أبى بكر ، نازع أبويه فى الاسلام والبعث ، ثم أسلم ، وبه قال ابن عباس ، وكان من الصحابة ، وكان له غناء يوم اليمامة وغيره والاسلام يجب ما قبله ، ولا يعارض ذلك بقوله تعالى : { أولئك الذين حق عليهم القول } [ الأحقاف : 18 ] الخ فانه غير شامل له ، لأن الحكم على الجنس لا يستغرق أفراده ، فهذا كسائر ما نزل من القرآن فى كفار قريش ، ثم يسلم بعض ، فلا يشمله حكم السوء ، ولو كان هو سبب النزول ، وذلك أولى من تقدير بعض فى قوله تعالى : { أولئك الذين } صنف هذا المذكور . وكذا قال السهيلى نزلت فى عبد الرحمن بن أبى بكر ، فان قاعدة القرآن أن لا يقال لمشرك : انه حق عليه القول الا من قضى الله عليه أن سيموت مشركا ، كان يدعوه أبواه الى الاسلام فيأبى ويقول : أحيوا لى عبد الله بن جدعان ، وعامر بن كعب ، ومشايخ قريش حتى أسألهم عما تقولون ثم أسلم وكذا تأخر اسلام جده أبى قحافة ، وكذا قال مروان : نزلت فى عبد الرحمن بن أبى بكر ، فقال له : ألست الذى قال لوالديه أف لكما الخ ، فأجابه عبد الرحمن : ألست الذى لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباك وأنت فى صلبه ، وليست الآية فىَّ ، وقالت عائشة لمروان ثلاثا : كذبت ، والله ما نزلت فيه ، ولو شئت لسميت من نزلت فيه . ويروى أنه كتب معاوية الى مروان ليأمر الناس بالبيعة ليزيد ، فخطب فأمر له بالبيعة ، فقال عبد الرحمن : لقد جئتم بها هرقلية ، أتبايعون بأبنائكم ؟ فقال مروان : يا أيها الناس ، هذا الذى قال الله فيه : { والذي قال لوالديه أفٍ لكما } وسمعت عائشة ، وقد التجأ اليها عبد الرحمن ، فنجا وقد قال : خذوه ، وغضبت وقالت : من وراء الحجاب : والله ما هو به ، ولو شئت لسميته ، ولكن الله تعالى لعن أباك وأنت فى صلبه ، فأنت فضض من لعنة الله ، ما أنزل الله تعالى : فينا شيئا من القرآن الا ما أنزل الله فى سورة النور من براءتى ، وقيل : الآية فى كل كافر عاق لوالديه ، وقيل فى كل من دعاه أبواه الى الاسلام فأبى ، قال بعض : وهو الصحيح ، واللام فى قوله : { أفٍّ لكما } لبيان من أفف له { أتَعِدانني أن أُخْرج } من قبرى حيا بعد موتى { وقَد خَلَت } مضت ، والواو للحال { القرون من قَبْلي } موتى ، ولم يخرج منهم أحد ولو خرج أحد الآن لعلمنا أنهم يخرجون فى اليوم الذى تقول : انهم يخرجون فيه ، وقيل : المعنى وقد خلت القرون من قبلى على التكذيب بالبعث ، وأنا على ما مضوا عليه ، وهذا استدلال على انكار البعث { وهُما يَسْتغِثانِ الله } يدعوان برغبة ولهف أن يوفقه الى الايمان ، أو يلتجئان الى الله أن يعصمهما من كفر ولدهما وعذابه { ويْلَك آمِن } بالبعث { إنَّ وعد الله حَقّ } مفعول لحال محذوفة من ألف يستغيثان مقدر ، لأن وقت الاستغاثة غير نفس وقت الحال ، بل بعده ، وان شئت فقل مقارنة لتقارب الوقتين ، كأنهما وقت واحد ، تقديرها قائلين : " ويلك آمن " الخ وان شئت فقل مقارنة بوجه آخر هكذا متصفين بهذا القول ، بقطع النظر عن كونه ماضيا أو آتياً ، أو قدر القول مرفوعا خبرا ثانيا ، أى قائلان ، أو يقولان : " ويلك آمن إن وعد الله حق " . وليس المراد الدعاء عليه بالهلاك ، بل التنبيه على أن ما هو فيه موجب له أو حقيق ، بأن يدعى له بالهلاك قيل أو للتنبيه ، على أن الأمر الذى أمراه به مما يحسد عليه ، ويدعى عليه لأجله بالهلاك للحسد كما يقال : ويلك دم على ما انت عليه من الكرم وغير ذلك من ألفاظ السوء التى تذكر فى الخير ، والجملة تعليل لآمن جملى ، كما قرأ الأعرج وعمرو بن فائد بفتح همزة ان تعليلا افراديا أى لأن وعد الله حق ، أو يقدرآمن بأن وعد الله حق على غير التعليل ، وتقدير لام التعليل أولى لموافقة كسر ان ، فان كسرها على التعليل الجملى ، ولو احتمل الاستئناف فى كلامهما . { فيقُول ما هذا } أى ما الذى تدعوان اليه من الاخراج من القبر بالبعث { إلاَّ أسَاطيرُ الأولينَ } على حذف مضاف أى بعض أساطير الأولين ، أو اعتبر فىالأخبار عنه بالجمع نظرا الى اما اشتمل عليه الاخراج من القبر بالحساب والثواب والعقاب ، وأساطير جمع أسطورة بصيغة التفخيم ، كأعجوبة وأحدوثة ، أى شىء مستعظم من جهة الاخبار به ، والتلهى وهى ما سطر أى كتب فى أخبار الأوائل التى لا حقيقة لها .