Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 35-35)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فاصْبر } اذا رسخ ما ذكر من عقاب الكفرة ، وقدرة الله فى قلبك يا محمد فاصبر على ما يصيبك من الكفرة من الضر { كَما صَبر أولُوا العَزم من الرُّسل } على ما أصابهم من ضر الكفرة ، والعزم الاجتهاد فى الشىء والصبر عليه ، ومن للبيان أى وهم الرسل ، فالرسل كلهم أو العزم ، لأنهم كلهم اجتهدوا فى التبليغ والجد والقوة فى الدين ، والصبر على الأذى والمصائب ، وقضاء الله تعالى ، والجمهور على أن من للتبعيض ، فأولو العزم بعضهم ، قال الحسن بن الفضل : ثمانية عشر ذكروا فى سورة الأنعام ، ذكرهم الله تعالى وقال : { فبهداهم اقتده } [ الأنعام : 90 ] . وقيل : نوح صبر على أذى قومه ألف سنة إلا خمسين ، وابراهيم ألقى فى النار ، واسماعيل صبر على الذبح ، ويعقوب على فقد ولده يوسف ، ويوسف على البئر والسجن ، وأيوب على بلائه ، وموسى إذ قال : { إنا لمدركون } [ الشعراء : 61 ] وداود بكى على خطيئته أربعين سنة ، وعيسى على فقره واعراضه عن الدنيا بالكلية ، وقال : انها معبر فاعبروها ولا تعمروها . وقيل : سبعة : آدم ، ونوح ، وابراهيم ، وموسى ، وداود ، وسليمان ، وعيسى ، وقيل : ستة : نوح ، وهود ، وصالح ، وداود ، وموسى ، وسليمان ، وهو رواية عن ابن عباس ، وقيل : نوح ، وابراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وقيل : المذكورون على نسق فى سورة الأعراف والشعراء ، لمكاثرتهم على أعداء الله عز وجل ، ونوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، وموسى ، أمروا بالجهاد وهو قول الكلبى ، وعن قتادة : نوح ، وهود ، وابراهيم ، وشعيب ، وموسى ، وقيل الأنبياء كلهم أولو العزم إلا يونس لعجلته ، وقوله تعالى : { ولا تكن كصاحب الحوت } [ القلم : 48 ] وقال عبد الرزاق : نوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، قيل : وهو أصح الأقوال ، وصحح السيوطى أنهم الأربعة ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم . @ أولو العزم نوح والخليل كلاهما وموسى وعيسى والنبى محمد @@ وفى لفظ : @ أولو العزم نوح والخليل الممجد وموسى وعيسى والحبيب محمد @@ لما أمر الله تعالى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبر أولو العزم صبر ، وكان فى عدادهم ، وأولو العزم فى الآية غيره ، ثم التحق بهم ، وهم المخصوصون بعد تعميم فى قوله تعالى : { وإذْ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } [ الأحزاب : 7 ] وتلك الأقوال كلها على الآية ، ويزداد على ما فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى البيهقى : أنهم : نوح ، وهود ، وابراهيم ، ورابعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهر حديث : ان الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " وروى مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا ، واعترض اليهود والنصارى على المسلمين فى هذه الكثرة ، زعموا أن عددهم لا يجاوز خمسين ، ويرد عليه بأنه لا حجر على الله فى تكثيرهم ، وله تعالى أن يجعلهم ألوفاً من الملايين ، وله أن يجعل ذلك رسلا ، فكيف بالأنبياء . وفى فتوحات ابن العربى : فى كل عصر من الأمة المحمدية مائة ألف ولى لله تعالى واربعة وعشرون ألف ولى ، عدد الأنبياء ، والله أعلم بصحة ذلك . ولعل اليهود والنصارى ، المنكرين لكثرة الأنبياء توهموا أنهم رسل وأخطأوا ، ولا حجر على الله تعالى ، زعموا أن كثرتهم من عجائب دين الاسلام ، وزعم بعض النصارى أنه قال بعض المسلمين : ان الأنبياء ألف ألف وأكثر ، وهو كذب لا قائل بذلك ، وان قيل لم يقبل ، وقال اللقانى فى شرح الجوهرة الأولى أن لا يعترض لحصرهم لقوله تعالى : { ومنهم من لم نقصص } [ غافر : 78 ] وفيه أن عدم القص لا ينافى الايحاء بعددهم ، قال : وحديث مئة ألف وأربعة وعشرون ألفا الخ فى بعض سنده ضعف . { ولا تَسْتَعجل } بالدعاء أو التمنى { لَهُم } لكفار مكة عذابا ، فإنه قريب منهم { كأنَّهُم يوم يَرونَ ما يُوعَدونَ } من العذاب ، ويوم حال من الهاء ، ولو كان أصلها مبتدأ لوجود معنى الحدث بكان ، وهو التشبيه ، وأجيز تعليقها بكان ، مع أنها حرف لذلك { لَم يَلْبثُوا } فى الدنيا { إلاَّ ساعة } يسيرة { مِن نَهارٍ } قصير لشدة العذاب وطوله { بلاغ } هذا الذى وعظوا به بلاغ وهو كلام من الله تعالى ، أو يقدر قل لهم : هذا الذى وعظتم به بلاغ ، والبلاغ الكافية أو اسم مصدر هو التبليغ ، أى تبليغ عظيم لا عذر لكم معه ، ويدل له قراءة بلغ بشد اللام مكسورة ، واسكان الغين ، وقراءة بلغ بفتح الكل ، وشد اللام ، وقيل : الاشارة الى القرآن أو ما ذكر من السورة ، ويجوز أن تكون الاشارة المقدرة الى اللبث ، أى هذا اللبث الذى لبثتم بلاغ ، أى شىء قليل ، كما قال : " متاع قليل " { فَهَل يُهْلَك إلاَّ القَوم الفاسِقُون } الخالون عن الاتعاظ والطاعة . قال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا طلبت حاجة وأحبب أن تنجح فقل الله لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم ، باسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحليم ، سبحان رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ، كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة ، والنجاة من النار ، اللهم لا تدع لي ذنبا الا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا دينا إلا قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا أرحم الراحمين " يعنى يذكر بعد ذلك حاجته أو يقصدها فيما يصلح لها من ألفاظ هذا الدعاء ، مثل أن يقصدها عند قوله : ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها .