Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 4-4)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُل } يا محمد توبيخا لقومك ، وآخر القول صادقين أو كافرين { أرأيتم ما تَدعُون مِنْ دون الله } من الأصنام وغيرها { أروني } تأكيد لا رأيتم وكلاهما بمعنى أخبرونى { ماذا } اسم واحد مركب مفعول مقدم ، لقوله تعالى شأنه : { خَلقُوا } والمجموع مفعول ثان معلق عنه بالاستفهام ، أو مبتدأ وخبر ، وخلقوا صلة ما ، والرابط محذوف أى خلقوه ، والمجموع مفعول ثان ، ومن العجيب جعل ذا زائدة ، وما مفعولا مقدما ، ومنه جعل ذلك من باب التنازع ، لأن الضمير لا يرجع الى الجملة ، إلا إن أريد لفظها ، والمهمل من المتنازعين لا بد أن يعمل فى ضمير المتنازع فيه { مِن الأرض } من أجزاء الأرض ، أو من مظروفات الأرض كمائها او بحارها وأشجارها وجبالها وحيوانها ، أو أرض من الأرضين السبع ، ومن للبيان متعلق بمحذوف حال من الهاء فى خلقوه المقدرة ، أو من ماذا مركبا أو من ذا . { أم لَهُمْ } بل ألهم أو ألهم بناء على أن أم المنقطعة استفهامية بدون بل دائما حيث كانت ، وعلى كل حال لا بد أن يتقدما كلام ، ولو كانت للاستفهام ، ولا تكون معادلة كما تكون المتصلة فيقال : هل قام زيد أم قعد ، تريد أقعد بالاستفهام ، لأن هل لا يؤتى لها بمعادل كما شهر ، وذكر الفزى عن ابن مالك أنه أجاز الاتيان بمعادل بعد هل إذا كانت هل بمعنى همزة الاستفهام ، وعليه فتقول : هل قام زيد أم قعد ، سواء كانت أم متصلة أم منقطعة ، ويجوز أن تكون هنا متصلة ، وقيل متصلة على تقدير ألهم شرك فى الأرض ، أو لهم شرك فى السماوات ، وفيه حذف بلا داع ، ولا دليل ، وليس صحة المعنى دليلا ، وانما الدليل ما يوجب الشىء { شِركٌ } شركة مع الله سبحانه . { في السَّماوات } السبع ومظروفها أو فى العلويات الشاملة لهن ، وللعرش والكرسى انتفت ألوهية ما عبدوا من دون الله تعالى انتفاء بليغا لأنهم لم يخلقوا شيئا فى الأرض ، ولا منها فضلا عن العلويات ، ولا شركة لهم فيها ، وخص انتفاء الشركة فى السماوات بالذكر لانقطاع شبههم بهن إذ لهم صورة تملك فى الأرض وما فيها ، وذلك كقول ابراهيم : { فأت بها من المغرب } [ البقرة : 258 ] { ائتوني بكتاب } من الله يبيح عبادة غير الله عز وجل { مِن قبَل هَذا } قبل هذا القرآن النازل بالتوحيد { أو أثارةٍ مِنْ عِلمٍ } بقية من علم مصدر كالضلالة ، ومن للبيان وتنكير علم للتبعيض أى باق هو علم من علوم الأولين صحيحة فى اباحة عبادة غير الله عز وجل ، تقول العرب : سمنت الناقة على أثارة من لحم ، أى على باق منه ، أو الأثارة الرواية كما تقول : جاء فى الأثر كذا ، قال الأعشى من السريع : @ أنا الذى فيه تماريتما بين للسـامع والآثر @@ أى للسامع ومتتبع الأثر بعينيه ، أو الأثارة الخاصة من علم يقال آثرة بكذا خصه به أى أثار من علم خصوا بها ، أو العلامة ، أو علم الرمل كما روى ابن عباس موقوفا ومرفوعا أو أثارة من علم أنها الخط ، وعن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه سلم : " كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن صادف مثل خطه علم " ، وعن ابن عباس رضىالله عنهما أو أثارة من علم خط كان يخطه العرب فى الأرض ، وذلك تشريع لعلم الرمل ان لم يدخل فيه ما لا يجوز فى الدين ، وذلك تهكم بهم وبدلائلهم بأى وجه ، فسرت الأثارة ، أو الأثارة كتابة بالقلم أى شىء مكتوب ، والكتابة قديمة لغير العرب حادثة فى العرب ، ولا سيما اهل الحجاز فقيل نقلت اليهم من أهل الحيرة ، وأهل الحيرة من أهل الأنبار . وقال الكلبى الناقل للخط العربى من العراق الى الحجاز حرب بن أمية ، قدم الحيرة فعاد الى مكة به ، قيل لابنة أبى سفيان ممن أخذ أبوك هذا الخط ، قال : من أسلم بن أسدرة ، وسألت أسلم : ممن أخذته ؟ قال : من واضعه مرامر بن مرة ، وكان لحمير كتابة يسمونها المسند منفصلة غير متصلة ، وكان لها شأن عندهم ، فلا يتعاطاها إلا من أذن له فى تعلمها ، ويقال : كاتب الأمم اثنا عشر صنفا : العربية ، والحميرية ، والفارسية ، والعبرانية ، واليونانية ، والرومية والقبطية ، والبربرية ، والأندليسة ، والهندية ، والصينية ، والسريانية . { إنْ كنْتُم صادقين } فى دعوى اباحة الاشراك ، ولا تصح أبدا بدليل عقلى ولا نقلى ، وصح بطلانها بهما ، ولا تقل فى مثل هذا : إن الجواب محذوف دل عليه ما قبله قل ما تقدم أغنى عن الجواب ، فان القائل : قوموا ان قام زيد ، لا يعنى قوموا ان قام زيد فقوموا ، فكيف يقدر ما لا يعنى ، ولو ادعيت العناية لزم أن مثل ذلك أبدا مؤكد بالتكرير ولو بغير محل التكرير ، ولا تجد من نفسك عناية للمحذوف .