Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 5-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومَن أضلُّ ممَّن يدعُوا مِن دُون الله من لا يسْتجيب له } لا أضل من المشركين ولا يساوى لهم ، لأنهم يعبدون أو يسألون حوائجهم من لا يجيب لهم بكلام ولا بقضاء حاجة ، ويتركون القادر المجيب ، أو لا مساوى لهم ، فان استعمال مثل هذا فى المساواة مستمعل وارد معقول ، فاذا انتفت المساواة انتفت الزيادة ، لأن الزيادة تعتبر بعد ثبوت المساواة تحقيقا أو حكما ولو فى دفعة { إلى يَوم القيامة } موت الناس دفعة ، أو البعث من القبور ، وهكذا فى غير هذا المحل بحسب الامكان ، ووجهه أنه من حيث يموت الناس كلهم ، يعد الزمان نوعا واحدا الأحياء فى بعضه موتى ، وفى بعضه يبعثون ، وحد نفى الاستجابة بيوم القيامة لها أبدا ، إذ حدها بوقت لا يتوهم إن ثبتت فيه كقولك : لا أكلم عمرا ما دمت حيا ، فبعد الموت أيضا لا تكلمه ، وذلك مما يفهم بالأولى ، ومن باب التنبيه بالأدنى على الأدنى ، وقيل : فى مثل ذلك انه عبارة عن التأييد ، ومن ذلك قوله عز وجل : { حتى جاءهم الحق } [ الزخرف : 29 ] و { إنَّ عليك لعنتي } [ ص : 78 ] الخ و { خالدين فيها ما دامت } [ هود : 107 ] الخ ، وقولهم : لا اكلمك ما دام ثبير ، وما تقدم أولى ، وهو أنه من باب المفهوم . والقول الثانى نص فى أنه منطوق ، وذلك فى الغاية الموافقة لما قبل ، كما فى الآية ، والأمثلة ، وقد اختلف أيضا فى المخالفة الجمهور على أنها مفهوم وغيرهم على أنها منطوق ، وادعى بعض أن أهل اللغة على أنها موضوع للمخالفة مثل : { ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } [ البقرة : 221 ] و { حتى تنكح زوجاً غيره } [ البقرة : 230 ] و { حتى يطهرن } [ البقرة : 222 ] والصحيح مذهب الجمهور ، وما من المخالفة انما هو بمعاونة المقام ، واذا قيل : أكرم زيدا حتى يستغنى ، يحتمل أنه يجوز اكرامه بعد الاستغناء ، سواء كان هذا الأمر للايجاب أو للندب ، واذا وصف الاصنام بما للعقلاء من استشعار الاستجابة وتركها ، واستشعار التنبيه للشىء وتركه ، والغفله عنه عبر عنها بما للعقلاء ، من لفظ من ، والو وهم جمع المذكر السالم ، وفى وصفهم بالغفلة ، وترك الاستجابة تهكم . { وهُم عَن دعائهم غافلون } استعار لفظ الغفلة التى من شأنها أنها من المدرك لعدم الشعور على الأصلية ، واشتق منه غافلا على التبعية ، والجامع عدم والادراك المطلق ، والجمع لمراعاة معنى من بعد مراعاة لفظها ولفظ العقلاء مجاراة لهم فى شأن أنهم يحسبون الأصنام كالعقلاء ، أو تغليبا لمعبود له عقل كالملائكة والجن المعبودين ، واذا اعتبرناهم فغفلتهم تارة كغفلة الأصنام إذ غابوا عن العابدين ، كما لا يسمعها عيسى فى السماء ، وتارة على أصلها ، إذ حضروا وذهلوا ، وتارة ينزلون منزلة الذاهل إذ حضروا وعلموا وكرهوا ، أو شغلتهم العبادة عن السمع . وقد يحضر الجنى ويرضى كأنه كلا عبادة ولا سؤال ، وكذا ميت عبدوه فانه لا شعور له ، كعزير ، فقول جمع بين الحقيقة والمجاز ، أو نحمل الكلام على عموم المجاز وهم وغافلون للمعبودين ، وهاء عبادتهم للعابدين ، من اضافة المصدر للفاعل ، والمفعول محذوف ، أو لمعبودين من اضافة المصدر للمفعول ، وقيل : المعنى ان العابدين غافلون عن كون عبادتهم من لا يستجيب ، لا تنفع ، وهو خلاف الظاهر .