Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 20-21)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ويقُول الذين آمنُوا } فى اخلاص وصدق ، ورغبة فى ثواب الجهاد { لولا نُزِّلتْ } صورة تحضيض على الانزال { سُورةٌ } يؤمر فيها بالجهاد ، ولا حاجة الى جعل لو شرطا ولا زائدا ، وتقدير جواب أى لظلمنا ولا دليل على ذلك ، واذا كان الداعى اليه أن الله عز وجل لا يناله تحضيض ، فقد علمت أن ذلك لفظه لا حقيقته ، وانما المراد الطلب برغبة شديدة { فإذا أنْزلَت سُورةٌ مُحْكمةٌ } الاشكال فى معناها أو لا تنسخ ، ولا قتال فى القرآن منسوخ ، وقيل : محكمة بالحلال والحرام { وذُكِر فيها القتال } على طريق الايجاب { رأيت الَّذين في قُلوبِهِم } هم غير الذي آمنوا المذكورين ، وانما هم المنافقون { مَرضٌ } اعتاد شرك شبيه بالمرض ، وهم المنافقون باضمار الشرك ، فالمؤمنون يحبون الجهاد ، والمنافقون يكرهونه ، وهو أشد القرآن عليهم . ويجوز أن يراد بالذين آمنوا الذين آمنوا فى الظاهر ، وأشركوا فى الباطن ، وهم المنافقون الذين فى قلوبهم مرض ، فمقتضى الظاهر رأيتهم بالاضمار ، ولكن أظهر ليصفهم بمرض القلب ، وقيل الذين آمنوا فى اخلاص وصدق ، والذين فى قلوبهم مرض من ضعف ايمانهم فيجوز أن نراد به الذين آمنوا فأظهر لما مر ، ولو أريد بالذين آمنوا المخلصون وأنهم الموصوفون بالمرض حادثا فيهم ، كما قيل : لقيل رأيتهم ، وقد مرضت قلوبهم ينظرون الخ . { ينْظُرون إليك نَظر المغْشيِّ عليْه من المَوت } عليه نائب فاعل اسم المفعول ، وهو المغشى ، أصله مغشوى ، مثل مضروب ، قلبت الواو ياء وأدغمت فى الياء ، والضمة كسرة ، ومن للتعليل ، والغشاوة ما يغشى العقل من ضعف الحادث ، والمراد نظر الذى حضره الموت ، لا ينقل بصره الى موضع آخر ، وذلك لجبنهم أو شدة عداوتهم له صلى الله عليه وسلم ، أو الخوف ان يظهر نفاقه للناس ان لم يحضروا القتال { فأولى لَهم * طاعةٌ وقَولٌ مَعروفٌ } أولى اسم تفضيل بمعنى أحسن ، ولهم متعلق به ، وخبره طاعة ، أو طاعة مبتدأ أو لو نكرة لعطف النكرة الموصوفة عليه ، وأولى خبر ، أى أولى من النظر اليك طاعة الخ ، أو المعنى العقاب أحق بهم فحذف المبتدأ ، ويجوز أن يكون من باب قوله تعالى : { أولى لك فأولى } [ القيامة : 35 ] الخ من الولى باسكان اللام ، بمعنى القرب ، وهو اسم تفضيل يستعمل فى معنى قرب الهلاك ، فيكون صفة لمصدر محذوف ، أقيمت مقامه ، ولهم متعلق به يقال : أولى له قاربه ما يهلكه . وقيل : هو فعل من هذا المعنى ، وفيه ضمير الهلاك ، وقيل ضمير الله ، واللام صلة فى المفعول به ، أى أولاهم الله العذاب ، أو ما يكرهون ، أو غير صلة أى أدنى الله الهلاك لهم ، وقيل اسم فعل بمعنى وليهم شر بعد شر ، واللام للتقوية ، وقيل : وزنه فعلى من آل بمعنى رجع على صورة الدعاء برجوع أمرهم الى الهلاك ، ولهم خبره ، وقال الرضى : علم للشر ، ولهم خبره على أنه صفة مشبهة ، كأرمل وأرملة ، كما سمع أولاة بزيادة تاء التأنيث ، وطاعة خبر لمحذوف ، أى أمرنا طاعة أو مبتدأ لمحذوف ، أى طاعة وقول معروف خير لهم ، أى الصواب أن يقولوا ذلك . والقول المعروف ما وافق الشرع ، وقيل معروف أنه خداع منهم ، أى قول حق إلا أنهم قالوه ، خداعا وقرىء : يقولون : طاعة وقول معروف ، وهذه القراءة تدل على أنه من كلامهم الذى قالوه قبل الأمر بالجهاد . { فإذا عَزم الأمر } اشتد الأمر وهو واحد الأمور ، والمراد أمر للقتال ، أو ضد النهى ، والاسناد مجاز عقلى ، فان العازم الانسان لا الأمر ، كقوله : @ قد جدت الحرب بكم فجدوا @@ { فلو صَدقوا الله لكانَ خيراً لهُم } المجموع جواب اذا ، وقيل جوابها محذوف ، أى كرهوا ، وقيل فاصدق يا محمد ، أو من يصلح للصدق ، والمعنى لو عاملوا الله بالصدق فى دعوى الايمان ، ودعوى الحرض فى الجهاد ، وقولهم : طاعة وقول معروف لكان الصدق خيرا لهم ، أى نفعا لهم ، بخلاف ما هم عليه ، فانه مضرة عليهم ، أو كان الصدق أفضل لهم مما يدعون فيه خلاصا وهو فساد .