Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 16-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُل للمُخلَّفين من الأعراب } لم يضمر لهم ليصفهم بوصف قبيح وهو التخلف { سَتُدعُون } يدعوكم الله عز وجل على لسان رسوله ، أو يدعوكم رسوله صلى الله عليه وسلم { إلى قَومٍ } الى قتال قوم { أولي بأس شَديدٍ } هم الروم الذين خرج اليهم صلى الله عليه وسلم عام تبوك ، والذين بعث اليهم فى غزوة مؤتة عند كعب الأحبار ، وفارس والروم عند الحسن ، كما رواه سعيد بن منصور ، وقيل : سيدعوكم الصديق الى قتال بنى حنيفة ، وهم مسيلمة الكذاب وقومه أهل اليمامة ، وهو مشهور ، وعليه جماعة منهم الزهرى ، كما أخرجه الطبرانى ، وروى عنه وعن الكلبى بنو حنيفة وهل الردة . قال رافع بن خديج كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى ، ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر رضى الله عنه ، الى قتال بنى حنيفة فعلمنا أنهم أريدوا بها ، وقيل : يدعوكم عمر الى قوم هم فارس ، وقيل : دعاهم الى فارس والروم ، وفى ذلك دليل على صحة خلافتهما ، لأن الله تعالى وعد على طاعتهما الجنة ، وعلى مخالفتهما النار ، وانما دعاهم أبو بكر وعمر مع قوله تعالى : { قل لن تتبعونا } [ الفتح : 15 ] وقوله عز وجل : { لن تخرجوا معي أبداً } [ التوبة : 83 ] لأن المراد مادمتم كفاراً ، وما دعاهم أبو بكر وعمر إلا بعد إسلامهم ، وتركهم النفاق ، وأجمعوا أنه من أسلم وجب عليه الجهاد ، ووجب دعاؤه اليه ، ولا يمنع منه ، والخطاب للمخلفين من الأعراب الذين دعاهم صلى الله عليه وسلم للخروج الى مكة ، وهم : جهينة ، ومزينة ، كما روى ابن جريج كذا فى جميع الأقوال الخطاب للمخلفين بنص الآية ، وكذا قال ابن عباس كما رواه الطبرى والبيهقى ، وكذا قال عطاء بن أبى رباح ، وعطاء الخراسانى ، وابن أبى ليلى ، وهو رواية عن مجاهد . وقال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة : هم هوازن ، ومن حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حنين ، وعن قتادة : هوازن وثقيف وروى ابن مردويه عن ابن عباس : هوازن وبنو حنيفة ، وروى الطبرانى ، عن مجاهد أنهم أعراب فارس والأكراد ، وفى هذه الأقوال الدعاء بعد النبى صلى الله عليه وسلم . ويجوز أن تكون هذه الروايات تمثيلات والأكراد معروفون بالشدة ، والمشهور أنهم عجم ، وقيل : عرب ، وقيل منهم عجم وعرب ، وذكر أبو عمرو بن عبد البر أنهم من نسل عمر ومزيقيا بن عامر ، وعامر هذا هو الملقب ماء السماء ، وأنهم وقعوا الى أرض العجم ، فتناسلوا وجدهم من العرب ، قال شاعر : @ لعمرك ما الأكراد أبناء فارس ولكنه كرد بن عمرو بن عامر @@ { تقاتلونهم } إن أصروا { أو يُسْلمون } فلا تقاتلونهم لا ثالث ، أما القتال وإما الاسلام ، وأو للتنويع والحصر كما يدل له قراءة أبى وزيد بن على بحذف نون يسلمون على أن أو بمعنى الا أو الى كقوله : @ كسرت كعوبها أو تستقيما @@ والجملة مستأنفة ، وهى مفسرة للدعاء إلى القوم ، والحصر المذكور ينافى فى رواية تفسير القوم بالروم ، وهم نصارى ، أو فارس وهم مجوس ، أو صابئون ، والنصارى الصابئون والمجوس تقبل منهم الجزية ، وقال أبو حنيفة لا تقبل عن الصابئين أيضا . { فإن تُطيعُوا } داعيكم الى قتال القوم { يؤتِكُم الله أجْراً حسناً } هو الجنة فى الآخرة ، ولا غنيمة لكم ، وقيل : الجنة والغنيمة وهو أولى فيما قيل { وإنْ تَتَولَّوا } عن قتال القوم { كَما تَولَّيْتم من قَبْل } فى الحديبية { يُعذِّبكُم عذاباً أليماً } لمزيد تول بعد تول ، وذلك فى الآخرة ، وقيل : فيها وفى لدنيا ، وهو أولى فيما قيل ، والمتبادر فى الموضعين عذاب الآخرة ، ولما أكد عليهم فى القتال استثنى من لا يجب عليه الخروج من الوجوب ، وان خرج بلا القاء لنفسه فى الهلاك أثيب كما قال .