Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 20-20)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وعَدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها } فى أوقاتها المقدرة لها ، وهى ما يكون من المغانم الى يوم القيامة ، فالخطاب للأمة المؤمنين الحاضرين والغائبين ، وغلب الحاضر بالخطاب أو الخطاب للحاضرين ، لأنهم ومن بعدهم من المؤمنين كجماعة واحدة ، وقال زيد بن أسلم : المغانم الكثير الموعودة مغانم خيبر ، وهو رواية عن ابن عباس ، والجمهور على ما مرّ أولا من أنها المغانم الى يوم القيامة ، ولما خرجوا غنائم خيبر عند فتحها تبايع الناس فيها ، وكانت كثيرة . و " جاء رجل فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ربحت اليوم ما لم يربحه أحد من أهل هذا الوادى ، فقال : " ويحك ما هو ؟ " قال : ثلاثمائة أوقية فقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أثبتك بأفضل منها ؟ " قال : وما هو يا رسول ؟ قال : " ركعتان بعد الصلاة " " { فعجَّل لكُم هَذه } غنائم خيبر ، وقيل : غنائم هجر ، وقيل : هذه هى البيعة ، والتخلص من قريش والأحابيش بالصلح ، ذكر بعض أن قوله تعالى : { فعجَّل لكم هذه } أن نزل بعد فتح خيبر كما هو الظاهر ، فبعض السورة فى الطريق من الحديبية الى المدينة ، وبعضها بعد وصول المدينة ، وان كان قبل فتح خيبر فذلك اخبار بالغيب بأن نزل الغائب منزلة الحاضر المشاهد ، فقال : " هذه " والمضى لتحقق الوقوع ، واختير أنه نزل قبل فتح خيبر أكثر السورة فى الطريق ، وظاهر الأخبار أن السورة كلها بين الحديبية والمدينة ، فالمعجَّلة البيعة والتخلص من قريش ومن معهم . { وكفَّ أيْدي النَّاس عَنْكم } أيدى أهل خيبر وخلفائهم من أسد وغطفان ، إذ جاءوا لنصرة أهل خيبر ، فقذف فى قلوبهم الرعب ، ورجعوا ، وذلك قبل سفر الحديبية ، وقال مجاهد : أيدى أهل مكة كفها بالصلح وهم أقوى منكم ، وأكثر عددا ، وفى بلدهم ، مع أنكم ما جئتموهم بأهبة القتال ، بل للعمرة ، وقال ابن جرير : كف أيدى أهل خيبر وسائر اليهود عن المدينة بعد سفر الحديبية ، وأيدى سائر اليهود عن المدينة ، بعد الذهاب الى غزو خيبر ، كما قيل : ان قبائل من أسد وغطفان همت أن تغير على العيال بالمدنية ، اذ اشتغل صلى الله عليه وسلم بحصار خيبر . { ولتَكُون } أى الكف المعلوم من قوله تعالى : " كف أيدي الناس عنكم " وأنثه لتأنيث الخبر ، أو لتكون الكفة وهى مرة من الكف ، أو لتكون مغانم خيبر ، واللام متعلق بمحذوف تقديره فعل ذلك لتكون ، أو يقدر مؤخرا ، أى ولتكون آية فعل ذلك ، أو متعلق بمحذوف مع علة اخرى ، أى فعل ذلك لتنتفعوا ، ولتكون ، أو كف أيديهم لتنتفعوا ، ولتكون ، وزعم الكوفيون فى هذه ومثلها أن الواو زائدة ، واللام متعلق بما قبله وهو هنا كف ، أو عجل وهو مردود ، والأصل عدم الزيادة ، ولا سيما زيادة حرف غير معتاد فى التأكيد . { آيةً } أمارة { للمُؤمنين } على أنَّهم عند الله الرحمن الرحيم مرضيون ، أو على أن ما وعدهم صلى الله عليه وسلم به من فتح خيبر ومكة والغنائم ، ودخول المسجد الحرام حق يقع ، واخبار بالغيب ، وان ذلك بالوحى من الله عز وجل ، ولا بد { ويَهْديكم صِراطاً مُستقيماً } هو تقوية الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه وإدامتها ، رجع صلى الله عليه وسلم من الحديبية بقية ذى الحجة ، وخرج الى خيبر بقية المحرم سنة سبع ، وقاتل عامر مرحبا اليهودى وهو ملكهم ، فانقلب عامر على سيف نفسه فمات ، وقالوا : قتل نفسه وبطل عمله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " كذب من قال ذلك بل له أجران " وأرسل الى علي وهو أرمد فتفل فى عينيه فشفى ، وحمل الراية وقتل مرحبا ، فكان الفتح . وقيل : أخذ الراية الصديق ولم يفتح له ، ثم عمر كذلك ، وكان الفتح على يد علي ، ضرب مرحبا على مقفر من حجر فشقه بالسيف الى أضراسه ، وخرج أخوه ياسر وقتله الزبير ، فكان الفتح ، ثم فتح حصن ناعم ، وفيه قتل محمود بن مسلمة بحجر ألقته اليهود عليه ، ثم حصن القصوص ، حصن ابن أبى الحقيق ، ومنها صفية بنت حيى بن أخطب جاء بها بلال ، واصطفاها صلى الله عليه وسلم وقد رأت قمرا فى حجرها فعبرها زوجها بأنها تتمنى ملك الحجاز ، فلطمها لطمة بقى أثرها فى وجهها فأخبرته صلى الله عليه وسلم به بعد ما سألها عن سببه وأتى بزوجها كنانة بن الربيع لكنز بنى النظير عنده ، وأنكر ووجد بعضه عنده ، وعذب ليخبر بالباقى ، وأبى فقتله محمد بن مسلمة بأخيه محمود . وروى أن دحية سأل جارية فقال : خذ ما شئت فشاء صفية فأعطاها قبل أن يأخذها صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : انت أحق بها ، هى بنت سيد قريظة والنضير ، فقال له : دعها وخذ غيرها ، فجاءته يهودية بشاة مصلية مسمومة ، وهى زينب بنت الحرث فأخذ منها لقمة ولم يبلعها ، وأخبره اللحم الذى قطع منها أنه مسموم ، وقد بلعها ، وقيل قد بلعها فقال لها : " ما حملك على ذلك ؟ " قالت : ما فعلت برجالنا وأنك ان كنت نبيا لم يضرك أو يخبرك ، وأكل منها بشر بن البراء بن معرور ومات بها ، وأخبر صلى الله عليه وسلم عند موته أنه ما زالت تلك الأكلة تثور عليه ، وأنه يموت بها .