Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 24-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وهُو الذي كفَّ أيديهُم عَنْكم } أيدى أهل مكة عنكم ، وهو شامل للأحابيش أو أيدى الناس المذكورين فى الآية قبل ، على أنهم أهل مكة { وأيْديكُم عَنْهم } عطف معمولين على معمولى عامل واحد ، وكأنه قيل : وكف أيديكم عنهم ، وفى التعبير بكف التلويح بأنه رد بعضا عن بعض بأمر لطيف ، ولو قال منع لكان ظاهرا فى الرد بأمر شديد ، كقتل فى جانب ، ونحو صاعقة فى جانب ، أو قتل فيهما ، أو التلويح بأنه رد بعضاً عن بعض بعد شروع فى قتال ، والله أعلم . { ببطْن مكَّة } هو الحديبية ، كما روى الطبرى عن قتادة ، وذلك مبالغة فى قربها الى بطن مكة ، كأنها بطن مكة ، كزيد أسد ، ولا سيما أنه قال بعض : ان بعضها من الحرم ، وفى ذلك تأكيد لقوله صلى الله عليه وسلم : " صلح الحديبية فتح " ورد على من قال من الصحابة : أى فتح وقد صدُّونا أيضا حلقوا فطارت شعورهم بالريح حتى وقعت فى الحرم . { مِن بَعْد أنْ أظْفَركم } صيركم ظافرين { عَليْهم } عدى الاظفار بعلى لتضمنه الاعلاء ، والاظفار تخويف أهل مكة من المسلمين حتى طلبوا الصلح منهم بأن قالوا : ارجعوا الآن وأتوا من قابل ، وأيضا روى أحمد وأبو داود ، والترمذى ومسلم وغيرهم ، عن أنس : أنه قبض صلى الله عليه وسلم على ثمانين رجلاً جاءوا من التنعيم ليغدروه ، فعفا عنهم ، وذلك كف للأيدى بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم ، لم يقتلوه ولم يقتلهم بعد الاظفار عليهم ، وأن الآية فيهم ، وأيضا قال عبد لله بن معقل : كنا تحت الشجرة ، فخرج علينا ثلاثون شابا فثاروا علينا ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله سمعهم ، وروى أبصارهم ، فأخذناهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " هل جئتم في عهد أحد أو أخذتم أماناً من أحد ؟ " قالوا : لا ، فخلاهم ، وفيهم نزلت رواه الحاكم والنسائى وغيرهم . وأيضا قال سلمة بن الأكوع : لما اصطلحنا ، اختلط المشركون بنا ، واضطجعت فى ظل شجرة ، وجاء مشركون أربعة يشتمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتحولت الى أخرى لبغضى لهم على ما سمعت منهم ، ونادى منادٍ : ما للمهاجرين قيل ابن زنيم ، فأخذت سلاح الأربعة ، وقد علقوها على الشجرة الأولى ، واضطجعوا ، وسللت سيفى فقلت : والذى كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لئن رفع أحدكم رأسه لأقتلنَّه ، فسقتهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء عمى عامر بمشرك يسمى مكرزا ، ووقفنا عليه صلى الله عليه وسلم بسبعين رجلاً من المشركين ، فنظر اليهم فقال : " أطلقوهم يكونوا عليهم بدء الفجور " وفيهم نزلت الآية رواه أحمد وغيره ، وأخرج الطبرى عن ابن أبزى : لما انتهى الى ذى الحليفة صلى الله عليه وسلم ، قال عمى : يا رسول الله تدخل على قوم لك حرب بلا سلاح ولا كراع ، فبعث الى المدينة فما بقى فيها سلاح ولا كراع الا جىء به اليه ، وقيل هذا الفتح يوم فتح مكة ، والصحيح الأول . { وكان الله بمَا تعْمَلون } كله ومنه العفو بعد الظفر { بصيراً } فجازيكم .