Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 25-25)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ هُم الَّذين كَفَروا } مستأنف للذم { وصدُّوكُم عَن المسْجد الحرام } أن تصلوا اليه وتطوفوا به { والهَدىَ } عطف على الكاف ، أى وصدوا الهَدى ، وهو ما يهدى الى البيت ليخر فى منى ، وهو هنا سبعون بدنة على المشهور ، وقيل مائة { معْكُوفاً } حال من الهَدى أى محبوسا للنحر ، وعكف متعد كما رأيت فى الآية ، يقال : عكفت الرجل حبسته ، كما قال ابن سيدة والأزهرى ، ومنعه الفارسى ، وعليه فالأصل معكوفا به ، فكان الحذف والايصال . { أنْ يبلغ مَحِلَّه } فى تأويل مصدر بدل اشتمال من الهدى ، أو بتقدير عن متعلقة بمعكوفا ، وعاكف الهدى المشركون ، أو تعليل متعلق بمعكوفا أى معكوفا ليبلغ محله وعاكفه المسلمون ، ويترجح هذا ، أو تقدير عن ، ووجه كونه حالا بمعنى أن المشركين عكفوه أنه حال مقدرة فى قول من أجاز تقديرها من غير فاعل ناصبها ، لأنه حال الصد غير معكوف ، وإنما يعكف بالصد لا حال الصد ، إلا أن يجعل القرب جدا اقترانا ، ومحل الهدى منى ، أو موضع سقوطه على الأرض بالذكاة ، وهو منى أيضا ، وقال الشافعى : محله اذا منع هو الموضع الذى وصله ، وقال أبو حنيفة : محله الحرم وبعض الحديبية حرم عنده ، ومحط رسول الله صلى الله عليه وسلم لحل من الحديبية ، ومصلاه الحرم ، ونحر هديه فى الحرم فهديه صلى الله عليه وسلم بلغ محله ، والظاهر أنه معكوف عن محله المعهود وهو منى ، والصحيح وعليه الجمهور أنه لا شىء من الحديبية من الحرم ، وكلها حل ، والحرم محدود بحدود معروفة . { ولَولا رجالٌ مؤمنُون ونساءٌ مؤمناتٌ } مستورون فى المشركين قال أبو جمعة جندب سبع : هم سبعة رجال وأنا منهم وأمرأتان ، رواه أبو نعيم ، ففيه اطلاق نساء على امرأتين ، وهو جائز كما يطلق الجمع على اثنين مجازا على الصحيح ، وقيل حقيقة { لم تعْلمُوهم } ثم علموهم بالوحى ، والجملة نعت رجال ونساء ، وغلب ضمير الذكور { أنْ تَطئُوهُم } تمشوا عليهم بأرجلكم ، وهو استعارة للاهلاك كقوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشدد وطأتك على مضر فإنهم آذوا رسولك وكفروا بدينك " أى اهلاكك ، والمصدر بدل اشتمال من رجال ونساء ، على حذف مضاف ، أى كراهة أن تطئوهم ، وجوب لولا يقدر بعد قوله : { بغير علم } هكذا لمَّا كف أيديكم عنهم ، أو لعجل ما يستحقون . { فتُصيبَكم منْهُم } من جهتك بوطئتكم اياهم ، أو يقدر مضاف أى فتصيبكم من وطئتهم { معرَّةٌ } عيب أو مكروه ومشقة ، وأصله قيل : العر والعرة وهو الجرب الشديد اللازم ، والمراد قيل تعيير الكفار للمؤمنين بأنهم يقتلون أهل دينهم ، أو لمعرة التأسف عليهم وقيل : الاثم تقتلهم ، وقيل : الدية ، وهما تفسيران بالمعنى لا باللغة ، وأيضاً نقول : لا اثم فى قتل مسلم مستور بين أهل الحرب أسلم من قبل ، أو أسلم فى الحرب ، أو على القاتل الدية أو العاقلة أو فى بيت المال ، أو لا دية أيضا كما لا اثم ، وقال الطبرى : المعرة الكفارة وهو قول ، وهو كسائر قتل الخطأ ، وقيل : لا كفارة وبالكفار ، قال أبو حنيفة وأبو يوسف ، وقال صاحبهما محمد : على قاتله الدية ، وقال الشافعى ، عليه القصاص ، وهو خطأ كيف يكون القصاص على قتل الخطأ ، وفسر بعضهم المعرة تفسير معنى بالدية والكفارة ، وقول المشركين : ان المؤمنين يقتلون أهل دينهم ، ولا اثم ان جرى بعض تقصير . { بغَيْر عِلمٍ } متعلق بتطئوا أو تصيب ، أو حال من هاء منهم ، أو حال من الواو ، ولا تكرار لهذا مع قوله : " لم تعلموهم " لأن لم تعلموهم بمعنى لم تميزوهم فتتركوا قتلهم ، ومعنى قوله تعالى : " فتصيبكم منهم معرة بغير علم " أن المعرة تصيبكم ولم تعلموا بوقوعها ، أو تعلموا بموجبها الذى هو قتل هؤلاء المستورين ، والعلم فى ذلك كله من المسلمين ، ويجوز أن يكون من المشركين ، بمعنى أنهم لا يعلمون أنكم معذورون ، ويجوز أن يكون المعنى ، ان الله سبحانه مَنَّ على المشركين فكف أيديكم عنهم بسبب من تستر فيهم من المؤمنين . { ليُدخل الله في رحمتِه مَن يَشاءُ } متعلق بكف محذوفا دل عليه الجواب ، أى ولولا رجال الخ لما كف أيديكم عن المشركين ، لكن كفها ليدخل بذلك الكف المؤدى الى الفتح بلا محذور فى رحمته الواسعة من يشاء ، وهم اما هؤلاء المستورون يظهرون ويعبدون الله جهرا ، ويزدادون طاعة ، ولا يبقون فى الضيق بأيدى المشركين فيرتدون ، واما بعض المشركين يؤمنون بعد الفتح ، وفى الحديبية بعد الصلح اذ اختلطوا بالمؤمنين فقد يعجبهم ما يرون من المؤمنين ، واما كل ذلك { لو تزيَّلُوا } لو تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات المستورون عن المشركين { لعذبْنا الَّذين كَفروا } بتسليطكم عليهم ، وهذا جواب لو ، ويجوز أن يكون لو تزيلوا بدل لولا رجال الخ ، ولعذبنا جواب لولا { منْهُم } من جملة المختلطين الذين هم المؤمنون المستورون والكفار ومن للتبعيض { عَذاباً أليماً } أسرا أو قتلا أو سببا .