Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 15-16)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّما المؤمنُون الَّذين آمنُوا باللَّهِ ورسُوله ثمَّ لَم يرتابُوا } لم يعترهم شك كما يعترى من ضعف ايمانه ، وذلك مقابل لمن آمن ثم ارتاب ، ولمن ارتاب فى ايمانه من أول ، وذلك تعريض بالأعراب ، وثم للتراخى فى الزمان ، أى طالت مدتهم فى الايمان ولم يعقبه ارتياب ، أو لتراخى الرتبة فان رتبة انتفاء الارتياب أعظم من مطلق الايمان ، لأن الأعمال بخواتمها ، وعلى ما يصلحها فيكون كعطف جبريل على الملائكة ، فقديم ايمانهم وحديثه كلاهما طرى جديد . { وجاهدوا بأمْوالهم وأنفُسهِم في سَبيلِ اللَّه } فى طاعته عز وجل على كثرة أنواعها ومشاقها كالحج والجهاد ، والزكاة والصدقة ، والصلاة الفريضة ، والنفل ، وقدم الأموال لحرص أكثر الناس عليها حتى أنهم يهلكون أنفسهم فى شأنها ، كأنه تهون أنفسهم بالنظر الى المال ، فذلك تدل لا ترق ، ولأن الآية تعريض بالأعراب المذكورين الذين همتهم المال ، ويجوز أن يكون قدم الأموال على سبيل الترقى ، من حيث ان النفس لا بد أعز من المال عند الشدة ، أو عند تناهى الأمر ، ومعنى جاهدوا : أبلغوا جهدهم أى طاقتهم ، فلا مفعول له أو معناه دافعوا فمفعوله محذوف ، أى جاهدوا العدو والشيطان والنفس والهوى { وأولئك } الموصوفون بتلك الصفات { هُم الصادقون } فى دعوى الايمان ، لا هؤلاء الأعراب ونحوهم ، وحلف هؤلاء الأعراب أنهم صادقون فى دعوى الايمان ، وهم كاذبون فى حلفهم ، فقال الله تعالى فيهم : { قُل } لهؤلاء الأعراب { أتعلِّمون الله بدينِكم } أتخبرونه بدينكم ، وهوانكم مؤمنون مخلصون فى زعمكم ، يقال : علمت بكذا بالتخفيف وكسر اللام وباء الالصاق وهو لازم ، أى اتصل ادراكى به ، فاذا شدد كان له لفظ آخر منصوب كلفظ الجلالة فى الآية ، وقيل : الباء لتضمن معنى الاحاطة أو الشعور بالاحساس ، فيفيد مبالغة باجراء ذلك مجرى المحسوس ، وفيه أن هذه المبالغ معتبرة بهم ، لا به تعالى ، بمعنى انهم جعلوا الله محيطا وحاسا بهم ، ولا كبير فائدة فى ذلك ، ومن أين لنا أن نعلم أنهم قصدوا هذه الاحاطة ، أو الاحساس حاشى الله أن يصيره أحد على شىء ، كالاحاطة وحشاه أن يوصف بالاحساس ، وكيف يخبرونه بشىء مع أنه لا يجهل شيئا . { واللَّهُ يعْلَم ما في السَّماواتِ وما في الأرض } عبارة عن علم كل شىء ولو فى غيرهما ، وحكمة التعبير بهما أنهم فى الأرض ، وهو تعالى يعلم ما فيها ، وذكر السماء لمناسبة ذكر الأرض ، والجملة الكبرى حال من لفظ الجلالة فى قوله : { أتعلِّمون الله } وصرح بعموم عمله على الاطلاق فى قوله تعالى : { واللَّهُ بكلِّ شيءٍ عَليمٌ } فهو يعمل بما أخفيته من الكفر .