Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 17-18)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يمُنُّون } يتلفظون أو يفعلون أفعالا يظهر منها أنهم أصحاب فضل ، أو يعتدون عليك به من الاعتداد ، أو يعدون اسلامهم منة عليك ، أى انعاماً ، وهو من المن بمعنى القطع كقوله تعالى : { أجر غير ممنون } [ فصلت : 8 ، الإنشقاق : 25 ، التين : 6 ] أىغير مقطوع فى أحد الأوجه وهو النعمة التى لا يرجى عليها مكافأة ، لأن يعطيها أقطع بها حاجة معطاها ، فلا يكلفه ثوابا يحتاج الى تحصيله ، ولأنه قطع عن نفسه وجاء ثوابها ، وهم يدعون ذلك مع أنهم طامعون فى المكافأة بالغنائم وغيرها ، أو هو النعمة الثقيلة من المن الذى يوزن منه ، ولكن ثقلها هضم شأنها ، وهو عقلى ، وثقل ذلك الميزان حسى ، وكذا ان قلنا ثقلها مشقتها فى التحمل بها . { قل لا تَمنُّوا عليَّ إسلامكم } مثل ما مرَّ معنى واعرابا ولا يقال فى القرآن بالنصب على نزع الجار ما وجد غيره ، بلا تكلف ، وأجيز أن يكون مفعولا من أجله ، أى يتفضلون عليك لاسلامهم { بل الله يمُنُّ عَليْكم أنْ هداكم للإيمان } مثل ما مر أى هداكم هداية بيان وارشاد ، فانها نعمة عظيمة ضيعوها ، ولم يعلموا بها { إنْ كُنتم صادقِين } تريدون الصدق ، والجواب محذوف أى فاعملوا بالهداية والارشاد ، ولا تخالفوها ، ويجوز أن يراد بالهداية هداية التوفيق ، فيكون ما قبل ان مغنيا عن جوابها ، أى ان كنتم صادقين فى دعوى الاخلاص ، فذلك بهداية الله عز وجل ، أى توفيقه ، بالمنة له عليكم لكنكم غير صادقين ، وأكد تكذيبهم بقوله عز وجل : { إنَّ الله يعْلَم غَيْب السَّمَاوات والأرض } أى غائبهما ، أو ذا غيبهما ، وهو ما غاب فيهما عنكم ، وذكر نتيجة عموم علمه بقوله عز وجل : { والله بَصيرٌ بما تعْمَلونَ } بقلوبكم وجوارحكم .