Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 67-67)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } لا تخف لومة لائم ولا مكروهاً ولا تراقب أَحداً ، والمراد ما أَنزل للتبليغ لمصالح الناس دينا ودنيا لا ما يحرم إِفشاؤه أَو مالا خير فيه ، فعن جعفر الصادق في قوله تعالى : { فأَوحى إِلى عبده ما أَوحى } [ النجم : 10 ] . إِنه أَوحى إِليه في قلبه بلا واسطة ولا يعلم به أَحد إِلا حين يعطيه الشفاعة ، وقبح الله الشيعة إذ قالوا : كتم البعض تقية ، ويرده : { والله يعصمك من الناس } ، وقد قال الله تعالى { تبيانا لكل شيء } [ النحل : 89 ] وقال ما فرطنا إلخ ، فقول ما فى السنة أَخذه النبى صلى الله عليه وسلم من القرآن إِذا لم ينزل به وحى أَو هو فيه ولو نزل به وحى على حدة ، ويحتمل قلته قول عائشة رضى الله عنها أَنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا إِحلال ولا إِحرام إِلا ما فى القرآن " ، قال ابن مسعود : ذكر لنا في القرآن كل شى إِلا أَن علمنا يقصر . والمراد أَن القرآن محل الاستنباط ، وقد خرج بعضهم عمره صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى : ولن يؤخر الله نفسا إلخ في سورة هى رأَس ثلاث وستين سورة . { وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ } بل تركت بعضا { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } لأَن تارك بعض كتارك كل فكأَنك لم تبلغ شيئا لارتباط بعض ببعض إِذ كانت كشئ واحد أَمر بتبليغها كلها فترك بعض كترك ركن من أَركان الصلاة ، أَو إِن لم تفعل التبليغ بأَن تركت ما تركت عوقبت لأَنك لم تبلغ رسالته فنابت العلة مناب الجواب ، وهو فى صورة تهديد ، كأَنه قيل تهيأَ لشأْن ما اقترفت من عدم التبليغ ، كما روى عنه صلى الله عليه وسلم : " إِن الله بعثنى برسالته فضقت بها ذرعاً فأَوحى الله إِلى إِن لم تبلغ رسالتى عذبتك فضمن لى العصمة فقويت " عن ابن عباس : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أَى آية أَنزلت من السماءِ أَشد عليك ؟ فقال " كنت بمنى أَيام موسم فنزل على يا أَيها الرسول بلغ ما أَنزل الآية فناديت عند العقبة أَيها الناس من ينصرني على أَن أبلغ رسالات ربى ولكم الجنة ، أَيها الناس قولوا لا إله إِلا الله وأَنا رسول الله إِليكم تفلحوا ولكم الجنة ، فما بقى رجل ولا امرأَة ولا أَمة ولا صبى إِلا رمونى بالتراب والحجارة ويقولون كذاب صابئ فعرض على عارض فقال : يا محمد إِن كنت رسول الله فقد آن لك أَن تدعو عليهم كنوح ، فقلت : اللهم اهد قومى فإِنهم لا يعلمون ، وانصرنى عليهم أَن يجيبونى إِلى طاعتك فجاءَ العباس فطردهم وأَنقذني منهم " { وَاللهُ يعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } لا يصلك منهم ضرب ولا قتل ولا سحر ولا ما يمنعك من التبليغ وهذا بعد ما سحر فى مشط ومشاطة وأَطعم لحما مسموما وشج يوم أُحد وكسرت رباعيته . وسورة المائدة من آخر ما أُنزل فهو يبلغ ما نزل بعد هذا ويكرر تبليغ ما بلغ من قبل لمن بلغه ولمن لم يبلغه ، وإِن كانت الآية قبل أُحد والسحر والسم وجعلت في هذه السورة فالمراد عصمته من القتل وما يمنعه من التبليغ ، وكان صلى الله عيه وسلم يحرسه سعد وحذيفة كما قال أَنس أَنه صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية ، فأَخرج رأسه من قبة أَدم أَى كان فيها حال النزول فقال : " انصرفوا أَيها الناس فقد عصمنى الله من الناس " { إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدى القَوْمَ الكَافِرِينَ } لا يمكنهم مما أَرادوه من قتلك وقتل أَصحابك ومن تعطيل التبليغ ، أَولا يوفق من سبقت شقاوته عند الله إِلى التوبة ، والأول أَنسب لما فى صحيح مسلم عن عائشة : " سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال ليت رجلا صالحا من أَصحابى يحرسني الليلة ، قالت : فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح قال من هذا قال سعد بن أَبى وقاص ، فقال له صلى الله عليه وسلم ما جاءَ بك قال : وقع في نفسى خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أَحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ، وروى أنها قالت : فبينما نحن كذلك سمعت صوت السلاح فقال من هذا قال سعد وحذيفة جئنا نحرسك فنام عليه الصلاة والسلام حتى سمعت غطيطه ، ونزلت هذه الآية فأَخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة أدم وقال : انصرفوا أَيها الناس فقد عصمنى الله من الناس " وزعم بعض أَن المعنى يعصمك من الذنوب من بين الناس وهو تفسير لم يعصم صاحبه من الخطأ ، وكذا من قال لا يهدى القوم الكافرين إِلى الكفر بل إِلى الإِيمان والهدى إِرشاد .