Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 22-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وفي السَّماءِ رزقُكم ومَا تُوعَدون } فى جهة العلو الشاملة للسحاب ، والسماء الدينا وما فوقها ، واللوح المحفوظ ، والمراد تقدير رزقكم وأسبابه من القمرين والنجوم ، والمطلع والمغارب التى تحصل بها الفصول التى هى مبادىء الرزق ، وذلك على تقدير الاضافة كما رأيت ، أو على جعل وجود الأسباب فيها وجودا للمسبب ، وعطف ما توعدون عام على خاص ، فانه كل ما قضى الله تعالى من كل خير وشر ، والثواب والعقاب ، وقيل : السماء السحاب ، والرزق المطر ، وما توعدون الجنة والنار ، زعم بعكن أن النار فى السماء ، وقيل : المراد الجنة فوق السماء السابعة تحت العرش ، وقيل : أمر الساعة ، وقيل : الثواب والعقاب ، لأنهما معينان فيها ، وقيل : ما مبتدأ موصولة خبرها هو قوله : { فَوربِّ السَّماءِ والأرض إنَّه لحقٌّ } وهاء انه عائد اليها ، والصحيح ما مر من عطف العام على الخاص ، والهاء لما أو للرزق أو لله تعالى ، أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو للقرآن لدلالة المقام ، أو للدين فى { وإن الدين لواقع } [ الذاريات : 6 ] أو لليوم فى { أيان يوم الدين } [ الذاريات : 12 ] أو ما ذكر من أول السورة { مِثل ما أنَّكم تَنْطقُونَ } ما صلة كما قال الخليل ، ومثل مفعول مطلق أى حق ذلك حقا مثل نطقكم ، كما لا شك فى نطقكم الواقع ، أو فى قدرتكم على النطق لا شك فى ذلك ، نقول : هذا حق ، كما أنك ترى وتسمع أو حال واضافته للمصدر المعرف لا تفيد تعريفا ، وصاحب الحال الضمير فى حق . وإن جعلنا ما نكرة موصوفة ، والمصدر مما بعدها خبر لمحذوف ، والجملة نعت ما ، فمثل مضاف لنكرة ، أى مثل شىء هو نطقكم ، أو مثل نطق هو نطقكم ، أى لا شك فى ذلك كما لا شك فى أنكم تنطقون ، أو كما أنك تنطق بلسانك لا بلسان غيرك ، كذلك تأكل رزقك لا رزق غيرك ، والواو للقسم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قاتل الله قوماً أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوه " . أقبل الأصمعى من جامع البصرة فلقى أعرابيا على ناقة فقال : ممن ؟ فقال : من بنى أصمع ، قال من أين ؟ قال من موضع يتلى فيه كلام الله ، قال : اتل علىَّ ، فتلا : " والذاريات " الى " رزقكم " فنحرها وقسمها ، وكسر سيفه وقوسه ، وحج الأصمعى مع الرشيد ، وسمع فى طوافه بصوت رقيق ، فاذا الأعرابى ناحلا مصفرا ، وسلم واستقرأه السورة ، فلما قرأ الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، وصاح وقال ثلاثا : من أغضب ربنا حتى حلف ، ومات فى حينه . وسلى الله تعالى رسول صلى الله عليه وسلم ، وهدد قومه بقصة ابراهيم ولوط على جهة التعظيم لها ، بالتمهيد لها ، كالتبويب لشىء عظيم فقال : { هَل أتاك حَديثَ ضيْف إبرْاهيم المُكْرمين } عند الله عز وجل : وعند ابراهيم ، كما قال فى شأن الملائكة : { عباد مكرمون } [ الأنبياء : 26 ] وكما خدمهم ابراهيم بنفسه وطلاقة وجهة وزوجه ، وعجل لهم طعام الضيافة ، ورفع مجالسهم ، وهم جبريل وميكائيل واسرافيل ، وقيل : هم اثنا عشر ملكا ، وسماهم ضيفا لأنهم بصور الضيف ، وحسبهم ابراهيم ضيفا والضيف يطلق على الواحد فصاعدا ، لأنه فى الأصل مصدر بمعنى الميل ، والآية وما بعدها فى معنى ، هل علمت قصة ابراهيم ولوط عليهما السلام ، يكرمك الله كما أكرمهما ، ويهلك مكذبك كما أهلك مكذبيهما ، والله أكرمهم بالعبادة والعصمة ، وباضافة خير الخلق يومئذ ابراهيم ، وبتعجيل الضيافة ، ثم ان كانت هذه الآية أول آية نزلت فى ضيف ابراهيم ، فالاستفهام للاعلام بما لعد أداته ، كما تقول لمن لم يعلم بقيام زيد ليعلم به : هل علمت أن زيدا قام ؟ أو هل أتاك قيامه ؟ وإلا فللتقرير .