Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 18-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كذَّبت عادٌ } بهود عليه السلام ، أو بالنبوة والوحى كله لهود وغيره ، أو لما كذبوا به صاروا كمن كذب بالكل ، والحذف للعلم بالمحذوف ، أو للعموم ، ذكر الله عز وجل القصص فى السورة بلا عطف لبيان طريقة من الطرق ، هى أن كل قصة تكفى وحدها لمن يتذكر ، ولم يذكر ما به التكذيب للعلم به من غير هذه السورة ، وللمسارعة الى ذكر عقابهم على التكذيب فى قوله : { فكيفَ كانَ عَذابي ونُذرِ } وذلك توجيه لقلب السامع الى الإصغاء ، الى ما يترتب على تكذيبهم من العذاب الموجب للازدجار ، أو لم يذكر ما به التكذيب مسارعة الى ذكر أمر هائل غريب هو العذاب بالريح إذ قال : { إنَّ أرسَلنا عَليْهم ريحاً صَرصراً } شديد الصوت لقوته ، ومر كلام فى ذلك ، وفى اهلاكهم بالريح اهلاك بما هو للحياة ، كما أهلك قوم نوح بما هو للحاية وهو الماء ، فانه لو انقطع الريح البتة عن حيوان البر لمات ، كما لو ارتفع الى طبقة للريح فيها من جهة العلو نحو ثمانين ميلا لخرج دمه ومات باذن الله ، ولو قطع الله الريح عن الأرض لأنتنت بأهلها ، ولم يقم نبات ولم يثمر ، ومعنى ارسال الريح انزاله من جهة العلو ، واخراجه من الهواء ، فان فى الهواء ريحا ساكنا حتى انه لو كان جسم عظيم من الأجسام مسرعا جدا أكثر مما نعتاد لجرَّ بجريه ما خلفه أو جانبه من الأجسام كالانسان والحيوان . { في يَوم نَحْسٍ } شؤم عليهم ، والمراد باليوم مطلق الزمان ، أو جنس اليوم ، ودليل الوجهين قوله تعالى : { في أيام نحسات } [ فصلت : 16 ] وقوله عز وجل : { سبع ليالٍ وثمانية أيام } [ الحاقة : 7 ] وأجيز أن اليوم الوقت الشامل لكان زمان بعد حتى يدخل فيه زمان خلودهم ، ويروى مرفوعا وموقوفا أن اليوم يوم الأربعاء آخر شوال ، والمراد أن بدأ النحس يوم الأربعاء ، واستمر نحسه سبع ليال وثمانية أيام كما قال : { مُسْتمرّ } أى دام نحسه حتى تمت سبع ليال وثمانية أيام ، على أن مستمر نعت نحس ، وان جعلناه نعت يوم كما نعت الأيام بنحسات فى الآية الأخرى ، فمعنى استمرار نحسه بعد ، على أن يوم الأربعاء الى أن تمت سبع ليال وثمانية أيام . ويجوز مطلقا أن يراد باستمرار النحس دوام العذاب بعد وقتهم ، الى أن يبقى أربعون عاما أو أربعون يوما قبل البعث ، ويعذبون أيضا فى الموقف وفى النار ، وقيل : لا يرتفع العذاب فى تلك الأربعين أيضا ، ولكن لا يقع البعث الا عقب أن لا روح حى ، ولا جسد حى ، ويجوز أن يكون استمرار انسحاب النحس عليهم حتى لم يبق كبير ولا صغير ، وأجيز أن مستمر بمعنى محكم أو شديد المرارة ، المعبر بها عن السوء مجازا كما مر فى السورة ، وأحاديث ذم الأربعاء الأخير من الشهر ضعيفة ، وقيل : موضوعة ، وأقول : لا بأس بأخذ الحذر من يوم الأربعاء آخر الشهر ، على معنى أنه ضر باذن الله عز وجل .