Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 25-25)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } حين تقرأ ، استمع إِليه أُمية ابن خلف وأَخوه أَبى ، والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وعتبة وشيبة ابنا ربيعة لعنهم الله ، ومنهم أَبو سفيان بن حرب ، إِلا أَنه أَسلم حين الفتح . اجتمعوا وقالوا للنضر ، وكان أَعقلهم وأَقربهم للإِسلام ، ومات كافرا : يا أَبا قتيلة ، ما يقول محمد ؟ فقال : ما أَدرى ما يقول ، غير أَنى أَراه يحرك لسانه ويذكر أَساطير الأَولين ، مثل ما كنت أَذكر لكم عن القرون الماضية ، وكان النضر كثير الإِخبار عنها ، فقال أَبو سفيان : أَرى بعض ما يقول حقا ، فقال أَبو جهل : كلا ، لا نقر بشيءٍ من هذا ، للموت أَحب إِلينا من هذا ، روعى لفظ من فأَفرد الضمير لأَن المستمعين المرادين هنا قليل ، كما أَفرد فى { ومنهم من ينظر إِليك } [ يونس : 43 ] لقلة الناظرين إِلى المعجزات ، وروعى معناها فجمع فى قوله { ومنهم من يستمعون } [ يونس : 42 ] لأَن المراد الكفار كلهم { وَجَعَلْنَا } صيرنا أَو أَلقينا { عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } جمع كنان وهو ما يغطى الشئَ { أَنْ يَفْقَهُوهُ } متعلق بأَكنة لأَن المعنى ، وجعلنا على قلوبهم مانعا عن أَن يفقهوه ، أَى يفهموه ، والهاء للقرآن المعلوم من قوله ليستمع { وَفِى آذانِهِمْ وَقْراً } معنى مانعا عن سماع القبول والتدبر تشبيها بثقل السمع حتى كأَنهم لم يسمعوا ، والأَكنة والوقر عبارة عن الخذلان وهو ترك التوفيق ، أَو عن أَن يحدث فى نفوسهم هيئة تمرنهم على استحباب الكفر والمعاصى واستقباح الإِيمان والطاعات لإِهمالهم عقولهم عن النظر ، وذلك عقوبة لهم على اختيارهم الكفر وإهمال النظر ، لكن هذا الاختيار مخلوق لله عز وجل ، وليس ذلك الإِحداث وخلق الاختيار إِجباراً ولو كانا يتخيل أَنهما إِجبار لعجز عقولنا عن فهم ذلك ، أَو نقول { لا يسأَل عما يفعل } [ الأنبياء : 23 ] ولا حجة للكفار إِذ يقرون بالاختيار ضرورة ولو أَنكروه تارة ، وأَسند الجعل والطبع والختم إِلى الله باعتبار خلقه الاختيار وترك التوفيق ، والعقاب على الاختيار ، والمعتزلة منعوا إِسناد ذلك إِلى الله ، وقالوا : تمكن التقليد وإِهمال النظر فى قلوبهم حتى صارا كالطبيعة المسند خلقها إِلى الله عز وجل ، والحق إِسناد ذلك إِلى الله عزوجل بمعنى خلقه ، ولا مانع ، ويسأَلون عن ذلك التمكن ، فإِن قالوا بالطبع المجرد فذلك شرك ، وهم يقولون بخلقهم أَفعالهم ، وضلوا بذلك مع أَن التمكن ليس فعلا لهم { وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ } علامة مما يتلى وغير مايتلى من المعجزات على وحدانية الله تعالى ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته ، وقال ابن عباس : المراد آيات القرآن ، وقيل : التكوينية كانشقاق القمر ونبع الماء من بين الأَصابع وتكثير الماء والطعام القليلين ، وخصصها بعض بغير الملجئة لئلا يناقض قوله تعالى ، { إِن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أَعناقهم } [ الشعراء : 4 ] قلت : الإِيمان عند الآية الملجئة غير الإِيمان الاختيارى { لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا } يكذبون بها ويقولون سحر وافتراء وأَساطير ، أَو لا يؤمنون بسببها بالوحدانية والنبوة والرسالة ، { حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ } حتى للابتداء ، ولا تخلو عن معنى الغاية لأَنها تفريع ، أَلا ترى أَن المتفرع ينتهى إِلى المفرع عليه ، وبالعكس ، فإِن عنادهم انتهى بهم إلى قولهم إِن هذا إِلا أَساطير الأَولين ، ولو قلنا جارة خرجت إِذا عن الشرط والصدر ولم يكن لها جواب وهو وجه ضعيف { يُجَادِلُونَكَ } حال من الواو مقدرة ، أَى ينازعونك نزاعاً شديداً ، أَو الجدال لا يخلو عن شدة أَو نزاعاً شديداً ، حتى كأَنهم يريدون أَن يلقوك على الجدالة وهى الأَرْض ، وجواب إِذا هو قوله { يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا } إلخ ، فيما قيل ؛ واعتراض بأَن قول الذين كفروا هو نفس الجدال فلا فائدة إِلا أَن تؤول المجادلة بإِرادتها أَو بقصدها ، والأَصل خلاف التأويل { إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ } كلمات كتبها الأَولون أَسطاراً تتلى عليك ، أَو جواب إذا يجادلونك ، ويقول الذين كفروا مستأَنف فى جواب سؤال مقدر ، أَو بدل من يجادلونك ، والمفرد أَسطورة - أَفعولة فيما يستعجب منه ، كأَحدوثة وأَضروبة ، وهو أَولى ، ويليه أَنه جمع أَسطار ، ، وأَسطار جمع سطر ، بفتح الطاء وإِسكانها ، وقيل جمع أَسطورة أَو إِسطارة أَو إِسطير أَو أَسطور مفردات غير واردة ، وقيل وردت فى كلام العرب ولا يصح ما قيل أَساطير جمع أَسطار جمع أَسطر ، وأَسطر جمع سطر ، لأن أَفعالا جمع للثلاثى لا للرباعى ، ولا ما قيل أَنه اسم جمع لأَن نصوص النحاة أَن ما على صيغة منتهى الجمع يقال له جمع ولو لم يكن له مفرد من لفظة كعباديد وشماطيط .