Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 23-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } ثم لتراخى الزمان أَو المعنى ، أَى أَعظم أَحوالهم فى العجز عن النجاة وإِنكار الإِشراك ، والمصدر من أَن والفعل بعدها بمنزلة العلم ، وبذلك كان هو الاسم وفتْنة الخبر ، كأَنه قيل : لم يكن فتنة إِلا قولهم ، وأَنث القول بتاء تكن لتأْنيث الخبر ، والمراد بالفتنة كفرهم باتخاذ غير الله وليا ، أَى لم يكن عاقبة شركهم إِلا تبرؤهم منه ، كقولك لمن رأَيته يحب إِنسانا مذموم العاقبة : ما كان حبا منك له إِلا أَن فررت منه ، كما تجعل عاقبة الشئ عينه ادعاء ، أَو يقدر سبب فتنتهم ، ولما حذف المضاف أَنث الفعل ، وذلك أَنهم تهالكوا على حب الشرك ، أَو الفتنة للتخلص ، كقولك فتنت الذهب إِذا أَزلت رداءَته بالنار ، توهموا أَن قولهم : والله ربنا إِلخ ، معذرة صارفة لهم ، والفتنة ما يحب الإِنسان ويعجب به ، وكانوا يفتخرون بشركهم ، أَو الفتنة الجواب لأَنهم قصدوا به الخلاص ، أَو أَنه كذب ، فقد كذبوا فى الآخرة كعادتهم فى الدنيا ، بل بنفى الشريك ، وتأْكيد النفى بالقسم ، فذلك كذبان ، وحينئذ يختم على أَفواههم ، وتشهد جوارحهم ، ففى موطن من مواطن الأخرة لا يكتمون الله حديثا ، وفي موطن يكتمون بالكذب وفي موطن يسأَلون أَجمعون ، وفى موطن لا يسأَل عن ذنبه إِنس ولا جان ، والآية ناطقة بأَن الكفار يكذبون فى الآخرة كالدنيا ، وذلك قول الجمهور ، وقال أَبو على الجبائى من المعتزلة ، والباقلانى : لا ، لظهور الأَمر وكون الكذب لا ينفعهم ، وأَجابوا عن الاية بأَن المراد ما كنا مشركين في اعتقادنا أَن عبادة الأَصنام نتقرب بها إلى الله لا عبادة بالذات ، وبأَن معنى قوله : { أُنْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ } أَنهم كذبوا فى الدنيا بأُمور يخبرون عنها بخلاف الواقع ، كقولهم : تقربنا إِلى الله زلفى ، وأَجاب الجمهور بأَنهم يكذبون فى الآخرة مع انكشاف الأَمر وعدم الانتفاع بالكذب للتحير والدهش من شدة الأَمر حتى نسوا أَو تعمدوا الكذب ، وبأَن حمل كذبوا على أَنفسهم على كذب الدنيا تعسف ، لأَن ما قبل هذا وما بعده فى شأْن الآخرة ، وأَيضا قال الله عز وجل { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم } - أَى فى الدنيا - [ المجادلة : 22 ] { وَضَلَّ } ذهب { عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } أَى كونهم مفترين ، أَو ما كانوا يفترونه من الآلهة ولو حضرت لذهاب نفعها ، وجعلت نفس المفترى مبالغة فإِن المفترى النفع ، وهذا داخل فى النظر ، عطف على كذبوا كأَنه قيل : انظر كيف ضل عنهم إِلخ . ويجوز عطفه على نقول ، أَو نحشر لأَن معناه الاستقبال ، وإِنما أَتى بصيغة الماضى للتحقق فلا يدخل فى النظر .