Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 33-33)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَدْ نَعْلَمُ } تحقق علمنا أَو كثر ، كقول زهير فى مدح أَبى حذيفة بن بدر : @ أَخا ثقة لا يتلف الخمر ماله ولكنه قد يهلك المال نائله @@ أَى عطاؤه ، ومعنى كثر علم الله كثر أَجزاء معلومه إِذ علم من كل جزء وإِن دق ، والا فصفات الله ذاتية ، وهو لا يتصف بالأَجزاء ، أَو من أَقل معلوماتنا إِحزان الذى يقولون إِياك ، وذلك كما نفسر قد فى قوله { قد يعلم ما أَنتم عليه } [ النور : 64 ] ، وقوله : { قد يعلم الله المعوقين } [ الأحزاب : 18 ] ، بالتحقيق أَو بتكثير معلوماته من ذلك ، أَو بتقليلها بالنسبة ، والتحقيق أَن قد مع المضارع بالوضع والكثرة والقلة إِنما هى من خارج ، وقيل هى للتقليل واستعمالها فى الكثرة استعارة أَحد الضدين للآخر ، والأُولى فى قول سيبويه أَن قد كرب أَنها بمعناها فى التقليل ، { إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِى يَقُولُونَ } أَى الكلام الذى يقولونه ، أَو القول الذى يقولونه من أَنك ساحر أَو مجنون أَو شاعر أَو تتكلم بأَساطير الأَولين أَو يعلمك بشر ، { فَإِنَّهُمْ } علة لمحذوف أَى لا تحزن لأَنهم ، أَو دم على الصبر لأَنهم { لا يُكَذِّبُونَكَ } مضارع أَكذب فهو من أَفعل الذى للوجود ، أَى لا يجدونك كاذباً ، أو للنسب ، أَى لا ينسبونك إِلى الكذب من قلوبهم ، بل من أَلسنتهم فقط ، أَو لا يصيرونك كاذباً ، بل أَنت باق على الصدق ، وهذا فى الجملة فإِن منهم من يكذبه من قلبه ، ومنهم من يكذبه بلسانه وقد علم صدقه من قلبه لكنه جحد كما قال { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ } أَو لا يكذبونك لعلمهم بصدقك فى طول عشرتك ، ولكن يقولون ما جئت به غير صحيح فى نفسه ، ولست مفتريا له ، كما روى أَن أَبا جهل لعنه الله يقول : ما نكذبك وإِنك عندنا لصادق ، وإِنما نكذب ما جئت به ، تظن أَن مخبرك به صادق وليس صادقاً ، قيل : لكن تغير عقلك فقلت ما قلت لا بكذب منك ، وقيل لا يكذبونك كلهم ، بل منهم من يصدقك ، فنزلت الآية ، كما روى أَن الأَخنس قال لأَبى جهل لعنهما الله تعالى : ليس معنا ها هنا أحد فأَخبرنى عن محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال : والله إِنه لصادق وما يكذبك ، لكن إِذا ذهب بنو قصى باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة فما لسائر قريش ، وكان الحارث بن عامر ابن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب يكذب النبى صلى الله عليه وسلم علانية ويقول لأَهل بيته : ما محمد من أَهل الكذب ولا أَحسبه إِلا صادقاً ، ففى ذلك كله ونحوه نزلت الآية ، أَو لا يكذبونك فى الحقيقة ، بل كذبوا آيات الله ، وذلك أَن الله صدقه بالإِعجاز فكذبوا هذا التصديق فهذه نصرة له صلى الله عليه وسلم ، إِذا كان مكذبه مكذباً لله عز وجل ، وتضمن ذلك وعداً بالنصر ، ولا يكذبونك بقلوبهم بل بأَلسنتهم ، ويجوز أَن يكون فإِنهم لا يكذبونك علة ليحزنك ، أَى ليحزنك الذى يقولون من التكذيب ، لأَنه ليس تكذيباً لك خاصة ، بل فى تكذيبهم تكذيب لله ، كما روى أَنه لا يحزن لنفسه ولا يغضب لنفسه ، بل فيما كان لله جلا وعلا ، ويجوز أَن يكون الجحود التكذيب ، أَى ما كذبوك ولكن كذبوا آيات الله ، أَى تكذيبك ليس منحصراً فيك ، بل فيه تكذيب الله فى آياته ، وذلك كقوله تعالى : { إِن الذين يبايعونك إِنما يبايعون الله } [ الفتح : 10 ] ومقتضى الظاهر ولكنهم بآيات الله يجحدون ، فوضع الظاهر موضع الضمير ، ليصفهم بالظلم ، وليدل على أَنهم ظلموا بجحدهم ، أَو على أَنهم جحدوا لتمرنهم على الظلم ، وعلى ما مر من إِبقاء الجحد علىنفى الإِنسان ما علمه تكون الباء لتضمن الجحد معنى التكذيب .