Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 32-32)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا الحيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ } ما أَعمال الحياة الدنيا التى هى معاص أَو مكروهات وما لا يعنى والمباحات التى لم تصرف إِلى الطاعة بنية إِلا لعب وهو ما لا نفع فيه ولا جد ، بل هزل ، وإِلا لهو وهو اشتغال عما يهم مما ينفع أَو يتوهم نفعة ، وأَخرج بعضهم عن اللهو واللعب ما هو من مروة المعاش ولم تقصد به معصية ، وقيل اللعب ما يشغل النفس عما تنتفع به ، واللهو صرفها عن الجد إِلى الهزل ، فالدنيا ذمت من هذا الوجه ، ومدحت من حيث إن الطاعة - ومنها المباح المصروف إِليها - تكتسب فيها ، فنعمت المطية ، والكلام من التشبيه البليغ ، ولو لم يقدر المضاف وهو أَعمال وجعلت الدنيا نفسها لعباً ولهواً مبالغة لصح ، وقيل اللهو صرف الهم بما لا يصح أَن يصرف به ، واللعب طلب المسرة بما لا يحسن أَن تطلب به ، وقيل اللعب ما قصد به تعجيل المسرة ، واللهو ما شغل من هوى وطرب ، وقيل ما قدم من غير ترك للآخر لعب ، وما ترك به الآخر ونسيه لهو ، وقيل هما فى الشئ الواحد باعتبارين ، فإِذا أَقبل على الباطل أَعرض عن الحق ، فإقباله لعب وإِعراضه لهو ، وقدم اللهو فى العنكبوت ، والله أَعلم ، لأَن المقام فيها لقصر الحياة الدنيا واللهو مما يقصر به الزمان ، وأَيام السرور قصار ، والمقام هنا للرد على الكفرة فى إِنكار الآخرة ، والمراد مسرة الدنيا وهى كلا شئَ فقدم لعب ، أَو قدمه لإِقبالهم على الباطل قولا وفعلا ، أَو لأَن اللعب مقدم خارجاً على اللهو ، أَجاب قولهم { إِن هى إِلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين } [ المؤمنون : 37 ] بقوله عز وجل { وما الحياة الدنيا إِلا لعب ولهو } ، وبقوله { وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ } لدوامها وعدم تكدر لذاتها من الدنيا لعنائها وتكدر لذاتها ونقص لذاتها ، أَو خير بمعنى منفعة { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } الشرك والمعاصى ، أَو أَفضل لهم فى الدنيا ، وأَما الكفار فما لهم فى الدنيا منفعة لهم ، لا ما فى الآخرة ، وما ليس من أَعمال المتقين لهو ولعب لا يؤدى إِلى سعادة ، واللام للابتداء متصل بأَلف أَل التى حذفت وبقيت اللام بعدها ، ومقتضى قوله : وما الحياة الدنيا أَن يقال وما الدار الآخرة إِلا جد وحق ، لكن أُقيم مقامه مسببه وهو الخيرية للذين يتقون ، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } للحاضرين أَو تغليب لهم على الغائبين فيكون توبيخهم منطوقاً به كالحاضرين ، أَى أَلا يتفكرون فلا يعقلون ، أَو تغفلون فلا تعقلون أَن الدار الآخرة خير ، وأَن الدنيا لعب ولهو ، قيل اللهو واللعب مترادفان ، وأَنهما ما يلهو به الصبيان ويجتمعون عليه ساعة مبتهجين ويتفرعون ، وذلك صرف الهم بما لا يحسن صرفه به ، أَو طلب الفرح بما لا يحسن أَن يطلب ، واختار بعض أَن كل لعب لهو ولا عكس ، فبينهما عموم وخصوص مطلق ، لأَن اللهو يشمل المباح والحرام دون اللعب ، لأَن كل لعب حرام ، وما استثنى منه فهو فى صورة اللعب ، فالأَخص يستلزم الأَعم ، وذكر الأَعم بعده يحتاج إِلى عناية ، وهى أَنهم يلعبون به ويلهيهم ذلك اللعب فحينئذ يحسن الأَعم بعد ذكر الأَخص ، كقوله تعالى : { وكان رسولا نبياً } [ مريم : 51 ، 54 ] ، أَى أَرسلهم إِليهم فأَنبأَهم عنه ، ولذلك قدم مع أَنه أَخص ، وأَما تقديم اللهو فى بعض الآيات فعلى الأَصل من تقديم الأَعم لأَن العام لا شعور له بأَخص معين ، والأَصل فى العطف التغاير ، فهما غير مترادفين .