Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 54-54)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا جَاءَك } واقفاً أَو ماشياً أَو قاعِداً أَو راكباً أَو مضطجعاً { الَّذِينَ يُؤْمِنونَ بِآيَاتِنَا } نازلة أَو معجزة ، هم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ، الممنون عليهم بالهدى ، الشاكرون ، ومقتضى الظاهر : وإِذا جاءُوك ، لكن وضع الظاهر ليصفهم بالعلم ؛ فإِن الإِيمان بالآيات علم ، فيكون قد وصفهم بالعمل الصالح بالغداة والعشى ، فهم جامعون لفضلى العلم والعمل الموجبين للتقريب والعز وترك الطرد والتبشير بالإِسلام من الله ونبيه صلى الله عليه وسلم به كما قال { فَقُلْ } قبلهم ، تطييباً لخاطرهم ، وهذا أَمر إِيجاب عليه ، وقيل ندب { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ } من الله على لسانى ، ومنى ، قال عكرمة : منه صلى الله عليه وسلم ، وقيل من الله تعالى ، وقيل ليس بتحية بل إِخبار بأَن لهم السلامة . وابن عباس علَى أَنه تحية من الله عز وجل ، ولهم التبشير بالرحمة فى الآخرة ، كما قال { كَتَبَ رَبُّكُمْ } قضى ، أَو كتب فى اللوح المحفوظ ، وقيل : هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم غير داخل فيما حكى بالقول ، وقيل : هذا مستأنف فى قوم قالوا : أَصبنا ذنوبا عظاماً ، فنزل فيهم ، وقيل : لم تنزل فى قوم مخصوصين بل عامة ، وفيه أَن المثبت مقدم على النافى ، ومن أَين لقائله الجزم بالنفى مع أَن النزول فى مخصوصين لا ينافى العموم ، { عَلَى نَفْسَهِ الرَحْمَةَ أنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمَ } يا أَيها المذكورون بالعبادة والعلم ، أَو يا أَيها الناس مطلقاً الداخل فيهم هؤلاء أَو لا وبالذات { سُوءًا } ذنباً { بِجَهَالَةٍ } ثابتاً مع جهالة حال مؤكدة فإِن الذنب أَبداً جهالة ، أَى سفه ، قال الحسن : كل من عمل معصية من عالم أَو جاهل فهو جاهل ، أَى سفيه ، أَو المراد عدم العلم بحرمة عمله ، إِلا أَن العالم بالحرمة كذلك يغفر له إِذا تاب ، ولكن خص الجهالة تلويحاً إِلى أَنه يبعد عن المؤمن أَن يعصى مع علمه بالحرمة ، وأَنه لا يعمل ذنباً إِلا وهو غير عالم بأَنه ذنب ، كما أَن عمر رضى الله عنه قال : يا رسول الله أَقم هؤلاء المؤمنين الضعفاء عنك إِذا جاءَ هؤلاء المدعون للشرف فتنظر ما يصير إِليه أمرهم ، قاله ولم يعلم بأَن ذلك سفه ، وبكى واعتذر ، وقال : ما أَردت إِلا خيراً ، وإِما أَن يقال : الجهالة شامل لفعل السوء مع العلم بأَنه ذنب لشبه العالم حينئذ بالجاهل إِذا فعل ما يهلكه ويفيته الخير الدائم ، واختار اللذة العاجلة القليلة المتكدرة على الدائمة الكثيرة التى لا تتكدر ، ففيه الجمع بين الحقيقة والمجاز ، فإِما أَن يجوز وإِما أَن يحمل على عموم المجاز ، وهو أَولى لأَنه أَوسع ، وإِما أَن تحمل الجهالة على عدم العلم فقط ، أَو على عدم العلم بما يفوته من الثواب وما يستحقه من العقاب ، ففيه تقصير عن بعض ما تشمله الآية { ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ } بعد عمل السوء من عمله { فَأَنَّهُ } أَى الله ، بفتح الهمزة كما نص عليه أَبو عمرو الدانى ، ونصت المشارقة أَن أَبا عمرو الدانى هو أَعلم الناس بقراءَة نافع ، وشهر الكسر عن نافع { غَفُورٌ رَحِيمٌ } والمصدر من غفور رحيم بواسطة أَن بدل من الرحمة بدل مطابق ، كأَنه قيل : كتب على نفسه الغفران والرحمة لمن عمل سوءا وتاب وأَصلح ، وإِن قلت : أَجمع الناس على أَن الأَنعام نزلت دفعة واحدة فكيف يقال سبب نزول كذا وسبب نزول كذا هو كذا من آياتها بل هن على العموم من فعل كذا فله كذا ؟ قلت : نزلت على طبق ما سيقع فكانت مصداقاً له .