Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 53-53)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } أَى فتنا مثل الأَقرع بمثل عمار ، والمراد ما تقدم لا مسأَلة أُخرى ، كأَنه قيل فتنا بعضاً ببعض على الوصف المذكور فى الآية ضمناً ، وإِنما أَعاده ليرتب عليه قوله { لِيَقُولُوا } تعليل أَو عاقبة لفتنا ، سواء أَبقى على ظاهره وهو ابتلينا ، أَو أَولناه بخذلنا ، كما قيل أَنه لا يصح تعليلا إِلا على تضمين خذلنا ، وواو يقولوا لنحو الأَقرع ، أَى ليقول الأَكابر الأَغنياء ، والتشبيه غير مراد على الحقيقة ، وإِلا لزم تشبيه الشىء بنفسه ، ومما يتخرج به عما هو ظاهر اللفظ من تشبيه الشىء بنفسه أَن يجعل المشبه به الأَمر المقرر فى العقول والشبه ما دل عليه الكلام من الأَمر الخارجى ، أَو أَن يقال مثل ذلك الفتن العظيم فتنا بعض الناس ببعض غير من ذكر فى القصة من المؤمنين والكافرين ، وذلك فى أَمر الدين ، وأَن يقال : مثل ما فتنا الكفار بحسب غناهم وفقر المؤمنين حتى أَهانوهم فتناهم بحسب سبق المؤمنين إِلى الإِيمان وتخلفهم عنه حتى حسدوهم ، ويجوز كون اللام بمعنى الباء ليكون مصدر يقول مع اللام بدل اشتمال من قوله ببعض { أَهؤُلاَءِ } منصوب المحل على الاشتغال ، أَى اختار الله هؤلاء ، أَو فضل هؤلاء ، أَو مبتدأ خبره ما بعد ، والنصب أَولى ، لأَن طلب الهمزة للفعل أَولى من عدم الإِضمار ، والمشار إِليه المؤمنون الموالى الضعفاء { مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا } بالإِيمان والتوفيق لما يسعدهم دنيا وأُخرى ، وامتازوا بالخير عنا ، ما الذى يدعو إِليه محمد خيراً ، لو كان خيراً ما سبقونا إِليه ، أَأُلقى عليه الذكر من بيننا ونحن الأَشراف وهم سفلة ، أَو اعترفوا بفضل المؤمنين الفقراء عليهم بالسبق إِلى الإِيمان لكن خافوا أَن يدخلوا فى الإِسلام فينقادوا لهم ويكونوا تبعاً لهم ، وكأَنه قيل : أَننقاد إِلى ما تكون به تحتهم لسبقهم إِليه ، ويجوز أَن يكون الفتن من الجهة المذكورة والجهة الأُخرى جميعاً ، وهى أَن يقول المؤمنون الفقراء : كيف أَعطى الله هؤلاء القوم راحة ومسرة ومالا وطيب العيش مع أَنهم غير منقادين للإِسلام ، ونحن منقادون له وقد بقينا فى ضيق المعيشة ؟ والاستفهام إِنكار للياقة ما ذكر بعده ، والله يفعل فى ملكه ما يشاء لا اعتراض عليه ، والقوم بطروا واعترضوا ، وهؤلاء المؤمنون صبروا وقت البلاء وشكروا وقت النعماء كما قال الله فى حقهم رداً على القوم ، ومبينا لسبب تقديمهم وتفضيلهم { أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } بمن شكر واستمر على الشكر فيثيبه عليه ، وبمن كفر واستمر فيعاقبه ، أَو بمن يشكر لقضائه فيوفقه للشكر ، وبمن قضى عليه بالكفر فيخذله .