Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 77-78)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً } مبتدئاً فى الطلوع من بزغ بمعنى ظهر ، أَو بزغ بمعنى شق ، فإِنه شق الظلمة ، أَو من بزغ بمعنى سال كأَن ضوءَه سال وانتشر { قَالَ } لهم أَو لنفسه ، أَو قال يقولون { هذا ربىّ } فى زعمكم ، أَو بطريق الاستدلال ، { فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ } والله { لَمْ يَهْدِنِى رَبِّى } يعنى الله ، أَى لئن لم يثبتنى على الهدى لأَنَّ أَصل إِلى الهدى من حين كان حياً فى البطن وما زال يزداد ، فليس المراد لئن لم يعطنى ربى الهدى { لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ } تلويح بقومه ، أَو لمطلق من لم يكن على ما كان عليه بأنهم على ضلال ، جادلهم بأفول الكوكب ، أَو استدل ولما لم يؤثر فيهم ، أَو فرض أَلاَّ يؤثر فيهم وهو مستدل ، استدل ببزوغ القمر وأَفوله ، ولما لم يؤثر أَو فرض عدم التأثير جادلهم بأفول الشمس ، كما قال : { فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّى } فى زعمكم ، أَو بطريق الاستدلال ، أَو قال : يقولون هذا ربى ، وذكَّر الإِشارة لأَن الخبر غير مؤنث وهو الراجح فى المؤنث المخبر عنه بالمذكر ، ولأَن الله سبحانه منزه عن صيغة التأْنيث ، يقال : الله خلاق وعلام لا خلاقة وعلامة بالتاء مع أَنها آكد ، وعندى : لا يجوز فى الله أَن تقول : الذات الواجبة بل الواجب بلا تاء ، وينبغى أَلا يطلق عليه الذات أَيضاً لأَنه لفظ تأنيث لكن جرى التعبير به والصواب أَن يقال : الشىء الواجب بالنفس أَى لا بغيره ، فإِن الصحيح إِطلاق النفس على الله ، أَو ذكَّر الإِشارة لأَن الشمس نجم أَو أَراد هذا الجسم البازغ { هَذَا } ذكَّره لتأْويل النجم ، أَو هذا الجسم البازغ لا لتذكير الخبر لأَن هذا الخبر المذكور لا يذكَّر له المؤنث لأَنه اسم تفضيل شأْنه ذلك لتنكيره ، تقول فى المرأَة هذه أَكبر لا هذا أَكبر ، ولا صحة لقول من قال أَنه لا تأْنيث فى لغة العجم لاسم الإِشارة ، ولا لقول من قال أَن الإِضافة مقلوبة فى لغة العجم فإِن الذى شاهدناه غير ذلك فى أَكثر اللغات ونسبى فى بنى عدى من العرب ، ولسانى بربرى موافق للعربية كلها إِلا قليلا ، ولا يذكر فى العربية شىء من أَلفاظ العجمية ولا من قواعدها إِلا الأَسماءَ { أَكْبَرُ } من الكواكب والقمر جرماً وضوءاً ونفعاً وتأَثيراً بإِذن الله ، فلعلها الرب بطريق الاستدلال ، أَو فى زعمكم ، ويقال أَن الشمس مائة وستة وستون مثلا وربع وثمن مثل الأَرض ، وستة آلاف وستمائة وأَربعون وأَربعون مثلا وثلثاً مثل للقمر ، وأَن الأَرض تسعة وثلاثون مثلا وخمس وعشر مثل للقمر { فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ } لنفسه كأَنه يخاطب قومه بحضرتهم وهم غائبون ، وهذا على طريق الاستدلال ، أَو خاطبهم تحقيقاً وهو المتبادر من قوله يا قوم ، وعلى كل حال لما قويت الحجة فى الاستدلال أَو فى خطابه قومه صرح بالبراءَة من دين قومه { يَا قَوْمِ إِنِّى بَرِئٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ } من إِشراككم ، أَو من الأَشياء التي تشركونها بالله سبحانه وتعالى ، من الشمس والقمر والكواكب والأَصنام والآدميين ، كما أَن الأَب عندهم رب لزوجه ، وهى رب لولدها ، ونمرود رب لهم لعنهم الله ، والمخلوق العاجز المحدث كيف يكون إِلهاً ؟ ، وإِنما الإِله هو القديم الموجود لغيره على أَنواع من الجائزات يخصها بها زماناً ومكاناً وذاتاً وأَحوالاً ، وسائر العوارض ، وأَفعاله على صفاته وذاته .