Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 132-133)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَقَالُوا } لموسى { مَهْمَا } بالأَلف لأَنه مركب من ما الشرطية وما الزائدة ، قلبت أَلف الأُولى هاء تخفيفاً عن التكرير ، أَو من مه اسم فعل بمعنى اكفف ، باق على معناه ، وقيل : مجرد عنه ، وما من قال بسيطة كتبها بالياء وخط المصحف لا يخالف ، ومعناه كل ما وهو مبتدأ ولا دليل على الاشتغال ، ولا تكون ظرفا بمعنى متى ، وأَما قوله : @ فإِنك مهما تعط بطنك سؤله @@ فهى فيه مفعول مطلق ، بمعنى أَى عطاء أَعطيت بطنك سؤله . ولو كانت فى الآية بمعنى متى لم يعد إِليها هاء به { تأَتِنا بهِ مِنْ آيَةٍ } بيان لهاء به حال منه ، وسموها آية تهكما ، أَو أَرادوا : على زعمك ، { لِتَسْحَرَنَا بِهَا } أَنث هنا ضمير مهما ، لأَنها فسرت وبينت باية ، أَو أَعاد لنفس الآية ، وهو فى المعنى عود لهما وضميره { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } فما نحن بمصدقين لك عليها ، أَو فيها ، أَى الآية المعبر عنها بمهما ، أَو مذعنين لك ، أَو مؤمنين بك ، فقال موسى عليه السلام : يا رب ، إِن فرعون وقومه بغوا واتعدوا ونقضوا العهد قخذهم بنقمة تكون لقوم عظة ، ولمن بعدهم آية وعبرة ، وقد مر عليهم شأن العصا واليد البيضاء ولم يؤمنوا ، فبعث الله عليهم الماءَ كما قال : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ } من السماء سبعة أَيام ، ثلاثة فى ظلمة شديدة ، والسيل يدخل بيوت القبط ويصل تراقيهم ، ويفرق قاعدهم دون بنى إِسرائيل ودون بيوتهم مع اختلاط بيوتهم ولو تسفل بيت منهم عن بيوت القبط ، ولا يرون شمساً ولا قمراً ، ولا يطيقون الخروج ، فلم يجدوا حرث أَرضهم ولا التصرف فيها ، فاستغاثوا بفرعون فقال لموسى عليه السلام : أَزل عنا هذا الماءَ نؤمن بك ، فأَزاله الله وجفف الأَرض وأَنبتت ما لم يروه قبل . فقالوا : هذا الذى جزعنا منه خير لنا ولم نشعر ، والله لا نؤمن بك ولا نرسل بنى إِسرائيل . أَو الطوفان الجدرى أَو موت الحيوان أَو الطاعون شهراً ، والطوفان ماء أَقام ثمانية أَيام ، وأَزال الله ذلك فقاموا شهراً فى عافية ونقضوا العهد ، وأَرسل الله عز وجل عليهم الجراد كما قال الله عز وجل { وَالْجَرَادَ } كثيراً تتراكب ذراعاً ويعطى ضوء الشمس مبتلى بالجوع حتى أَكل الخشب والأَبواب اليابسة والسقوف والثياب مكتوباً فى صدر كل جراد " جند الله الأَعظم " - سبعة أَيام من سبت وضجوا : إِن زال آمناً . فأَشار موسى بعد خروجه إِلى صحراء إِلى الشرق والغرب ، فذهب من حيث جاءَ ، أَو أَلقته الريح فى البحر ، وسمى جراداً لأَنه يجرد الأَرض من النبات ، والاشتقاق فى أَسماء الأَجناس قليل ، وبقى لهم ما يأكلون من غلتهم ، فقالوا بقى لنا ما يكفينا فلا نترك ديننا ، وأَقاموا شهراً فى عافية ، وعادوا إِلى أَعمالهم الخبائث ، فأَرسل الله عز وجل عليهم القمل كما قال : { وَالْقُمَّلَ } ضرب بعصاه كثيباً من الرمل أَحمر فعاد قملا يأخذ أَبشارهم وأَشعارهم وأَشعار عيونهم وحواجبهم ولزم جلودهم ومنعهم القرار والنوم وأَكل ما أَبقاه الجراد ولحس الأَرض ومس أَبدانهم ، وامتلأَ طعامهم قملا ، ويحصل شئ قليل من الدقيق من عشرة أَجربة . أَو هو السوس ، أَو أَولاد الجراد قبل أَن تنبت الأَجنحة ، أَو الحمنان ، وهو ضرب من القراد ، أَو دواب صغار تشبه القراد ، أَو دواب صغار القراد أَو صغار الذر ، أَو هى القراد أَو البراغيث ، أَو الجعلان ، بقى عليهم ذلك من سبت لسبت سبعة أَيام ، فصرخوا إِن يكشف فنتوب ، فكشف ، وأَقاموا شهراً ، فنكثوا ، فقالوا : تيقنا أَنه ساحر إِذا جعل الرمل قملا ، فأَرسل عليهم الضفادع كما قال : { وَالضَّفَادِعَ } ملأَت بيوتهم ومياههم وطعامهم ، وتثب فى القدور وفى النار ، وفى أَفواههم عند الكلام وعند الطعام ، ولا تحترز عما تموت به من نار أَو قدر لوجه الله ، فقيل : أَبدلها الله من ذلك برداً ، أَى زادها بردا ، إِذ قد أعطيت ذلك لنار إِبراهيم ، وبقى ثلث كل فرد ، أو ثلث الجميع ، فعمها البرد فى قصة موسى عليه السلام { وَالدَّمَ } فى مياههم حتى غلبها أَو صارت دما ، وكذا ماء البقول والثمار وماء الأَغصان ، يجتمع إِسرائيلى وقبطى على إِناء فيشرب الإِسرائيلى منه ماء والقطى دماً ، وكذا ماء البقول والثمار والغصون ، ويصب الإِسرائيلى من فيه ماء فى فم القبطى فيرجع فيه دما ، أَو الدم الرعاف ، وقيل : سال عليهم النيل دما { آيَاتٍ } حال من الطوفان وما بعده ، وصح لأَنه بمعنى دالات ، كل واحدة دامت سبعة أَيام من سبت لسبت ، وقيل : كل واحدة تدوم شهراً ، ويعافون فى شهر بعده كما روى عن ابن عباس ، وقيل : فى كل سنة آية فهن فى تسع سنين { مُفَصَّلاتٍ } مبينات لا يشك عاقل منصف غير مكابر لعقله أَنها من الله ونقمه ، أَو مفصلات لامتحان أَحوالهم بالأَزمنة بإِبقاء كل واحدة سبعة أَيام من سبت لسبت ، وزوالها بدعاء موسى شهراً فاصلا بين كل عذابين إِلزاماً للحجة عليهم ، ويقال : بقى موسى فيهم بعد إِيمان السحرة عشرين سنة ، وقيل أَربعين سنة ، وقيل ستة عشر شهرا يريهم الآيات على مهل { فاسْتَكْبَرُوا } عن الإِيمان بها وبموسى { وَكَانُوا قَومًا مُجْرِمِينَ } عادتهم الإِجرام من قبل مستمرين عليه .