Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-155)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ } أَى من قومه { سَبْعِينَ رَجُلاً } سبعين مفعول به لاختار ، أَو المفعول قومه بلا تقدير لمن وسبعين بدل بعض والربط محذوف ، أَى سبعين رجلا منهم ، ولا بأس بذلك ولا ضعف للعلم به ، وهو أَولى من نصب قوم على نزع الجار ، والسبعون ممن لم يعبد العجل ، وهم اثنا عشر أَلفاً ، وجملة من خرج معه من مصر ستمائة أَلف وعشرون أَلفاً كلهم عبدو العجل إِلا اثنى عشر أَلفاً { لِمِيقَاتِنَا } هو الميقات المعهود فى قوله عز وجل { ولما جاءَ موسى لميقاتنا } [ الأَعراف : 143 ] وقوله { فتم ميقات ربه } [ الأَعراف : 142 ] وهو ميقات الكلام وطلب الرؤية ، والميقات الوقت الذى وعده أَن يأْتوه فيه ، قلبت الواو ياء للكسر قبلها ، أَمره الله جلا وعلا أَن يأتيه إِلى الجبل فى سبعين غيره من بنى إِسرائيل ، فاختار من كل سبط ستة ، والأَسباط اثنا عشر ، وزاد اثنين وقال : ليتخلف منكم اثنان ، فتشاجروا ، فقال : لمن قعد أَجر من خرج ، فقعد كالب ويوشع ، وقيل : لم يجد إِلا ستين شيخاً ، فأَوحى الله إِليه أَن يختار من الشباب عشرة فاختارهم فصاروا شيوخاً ، وأَمر السبعين أَن يصوموا ويتطهروا ويطهروا ثيابهم ، ولما دنوا من الجبل غشيه غمام فدخله موسى بهم وخروا سجدا ، فسمعوا الكلام الذى خلقه الله لموسى بالأَمر والنهى ، ولما انكشف الغمام أَقبلوا عليه ، وقالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأَخذتهم الرجفة … وقيل : الميقات ميقات وعده الله لموسى أَن يأتيه فيه بسبعين رجلا من خيار بنى إِسرائيل ليعتذروا عن عبادة بنى إِسرائيل العجل وقد تابوا من عبادته ولما بلغوا أَسفل الجبل أَخذتهم الرجفة ، وقيل : ذهب موسى إِلى الجبل بهارون ، فنام هارون أَسفل الجبل فتوفاه الله ، ولما رجع موسى قالوا : قتله موسى . فاختار سبعين بأَمر الله عز وجل ، وذهب بهم إِلى هارون فأَحياه الله ، وقال : ما قتلنى أَحد ، بل توفانى الله تعالى . فأَخذتهم الرجفة . وقيل : أَوحى الله تعالى إِليه إِنى متوفى أَخيك فاذهب إِلى غار كذا فإِذا فيه سرير ، فاضطجع فيه وبحضرته ابن هارون ، فقال لهارون : ادخل واضطجع . فمات ، ورجع هو وابنه ، فقالوا : قتلته حسداً لحبنا إِياه . فقال : ويحكم ، أَأَقتل أَخى وقد سأَلت الله أَن يجعله وزيرى ، وهذا ابنه معى ، فذهب إِليه فأَحياه الله تعالى ، فقال : ما قتلنى . فقالوا : أَنت لا تغلب فادع الله أَن يجعلنا أَنبياءَ فأَهلكهم الله تعالى . فدعاه فأَحياهم ورجعوا وهم أَنبياءَ ، ولا دليل على صحة هذا . وقيل : قالوا : أَنت منا وتزعم أَن الله عز وجل كلمك ، لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فقال : اختاروا سبعين فاختاروهم ، وبرزوا وماتوا { فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ } الزلزلة الشديدة ، قال ابن عباس : لأنهم لم يفارقوا قومهم حين عبدوا العجل عوقبوا بالرجفة ، قال ابن عباس : هم غير السبعين الذين سأَلوا عن الرؤية وأَخذتهم الصاعقة وماتوا ، الذين كانوا فى ميعاد أَخذ التوراة ، والمراد هنا من جاءوا للاعتذار والتوبة من عبادة العجل ، فأَخذتهم الرجفة لا الصاعقة ، وهم بعد الذين أَخذتهم الصاعقة . واختلفوا : هل مع الرجفة موت ، والجمهور على أَنهم ماتوا ، وعن وهب ماتوا يوماً وليلة ، وقال وهب : لم يموتوا لكن لما رأَوا الهيبة أَخذتهما الرعدة فظنها موسى موتاً ، فدعا الله عز وجل وبكى فكشفها عنهم ، وقيل : الرجفة الموت بالصاعقة ، وهى النار الخفيفة السريعة ، وقيل عوقبوا بالموت أَو الصاعقة لطلب الرؤية ، أَو لنفى الإِيمان عن أَنفسهم حتى يروه ، وقيل : الرجفة الصيحة ، أَو حسيس جنوده فماتوا به ، وقيل : زلزلة الجبل ، ولكن الذين جاءوا إِلى قبر هارون لا يحرقون ولا يعاقبون إِن كانوا غير الذين قالوا : قتله موسى ، إِلا إِن كان منهم أَحداث مثل إِن لم يؤمنوا بقوله : ما قتلنى أَحد { قَالَ رَبِّ } يا رب { لَوْ شِئْتَ } إِهلاكهم { أَهْلَكْتَهُمْ } أَمتهم { مِنْ قَبْلُ } قبل خروجى بهم ليعاينوا موته فلا يتهمونى بقتله ، أَو من قبل عبادة العجل { وَإِيَّاىَ } عطف على الهاء ، وهذا تسليم لقضاء الله وتواضع له أَن له أَن يفعل ما يشاء ، ولم يفعل موسى ما يعاقب عليه بالإِهلاك ، وقيل : لو شئت أَهلكتنى لقتلى القبطى ولكن عفوت عنى ، ولما أَخذتهم الرجفة قال : يا رب ما أَقول لبنى إِسرائيل إِذا رجعت إِليهم وقد أَهلكت خيارهم ولم يبق معى رجل واحد منهم ، لو شئت أَمتهم وإِياى معهم من قبل أَن يصحبونى ليعاين بنو إِسرائيل ذلك فلا يتهمونى ، لو شرطية ، والتمنى إِنما يستفاد من جملة الكلام كما يقول من يتمنى الغيث : لو شاءَ الله سقانا ، تمنى أَن يموتوا هم وهو قبل أَن يرى ما رأَى ، كما قالت مريم { يا ليتنى مت قبل هذا } [ مريم : 23 ] ، أَو أَن يكون ذلك بسبب آخر ، مثل أَن يهلكهم فرعون أَو يغرقوا ، ولو أَنقذتهم من هذا الإِهلاك لم يبعد من فضلك العام كما أَنقذتهم ، أَى لو شئت أَهلكتهم من قبل لفعلت لكن لم تشأ ، فكذلك لو تشاء لم تهلكهم الآن ، أَو تمنى ودعا أَن يحييهم ويرجعهم إِلى قومهم كما أَحياهم قبل عن فرعون والغرق ، ولو أَردت إِهلاكهم بذنوبهم من قبل لفعلت ، وذلك ذكر للعفو السابق لاستجلاب العفو اللاحق { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا } من عبادة العجل ، وطلب الرؤية ، والاستفهام استعطاف ، أَى لا تعذبنا بذنوب غيرنا ، أَو إِنكار لوقوع الإِهلاك ثقة بلطف الله { إِنْ هِىَ } أَى الرجفة أَو الفتنة المعلومة مما ذكر التى هى عبادة العجل أَو مسأَلة الرؤية { إِلاَّ فِتْنَتُكَ } أَى فتنة منك لا من غيرك ، لأَن غيرك لا يوجد شيئاً إِلا بك ، أَو إِلا اختبارك القوم بخلق الحياة فى العجل والخوار ، وكلامك المطمع فى طلب الرؤية فزاغ بعض بذلك ، وثبت آخرون كما قال { تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ } إِضلاله بالخروج عن الحق فيها واعتقاد السوء أَو الشبهة أَو الجزع ضد ما فى قوله تعالى { وَتَهْدِى مَنْ تَشَاءُ } هدايته باتباع الحق فيها ، وقوة الإِيمان ، وقيل : تصيب بهذه الرجفة من تشاء ، وتصرفها عمن تشاء { أَنْتَ وَليُّنَا } متولى أُمورنا بالتصرف فيها القائم ، فأَنت الناصر لنا . والحصر مستفاد من تعريف الطرفين { فَاغْفِرْ لَنَا } ما قارفنا من عبادة العجل وطلب الرؤية ، هذا عن قومه إِذا طلبها عنهم ، وأَيضاً ندم عن طلبها عنهم ومن إِلقاء الأَلواح ، وجر الأَخ إِليه بشعر رأسه ، وهذا عن نفسه ، ومن قال استغفر من قوله " إِلا فتنتك " وأَنه جرأَة على الله عظيمة ، وقد وصف رسول الله موسى بصفته المجبرة فيكفر ، وليس ذلك جرأَة على الله فيستغفر منه ، بل رضى بالقضاء . ومما يروى ولا يقبل أَنه قال : يا رب من جعل الروح فى العجل ؟ قال : أَنا … قال : فأَنت أَضللتهم يا رب . قال : يا رأس النبيين ، يا أَبا الحكماء إِنى رأَيت ذلك فى قلوبهم فيسرته لهم ، فإِن قوله فأَنت أَضللتهم عبارة سوء ، ولو كان الله هو المضل لهم تحقيقاً فإِنه لفظ إِجبار ، وكيف يرتب المدح برأس النبيين وأَبى الحكماء على هذا اللفظ الذى لا يحسن ، وكيف يقول : رأَيته فى قلوبهم فزينته لهم كأَن وقع فى قلوبهم بلا إِيقاع منه تعالى فيها ، فلو صح هذا على معنى غير الإِجبار ، ومن غير الوقوع بلا إِيقاع منه لقلنا طلب المغفرة من لفظ لا يحسن حاشاه منه { وَارْحَمْنَا } فى الدارين ، قدم المغفرة لأَنها تخلية ، وأَخر الرحمة لأَنها تحلية { وَأَنْتَ خَيْرُ الغَافِرِينَ } لأَنك تغفر بلا عوض ولا خوف ولا حاجة ولا رقة . وتبدل الحسنة بالسيئة ، وغيرك يغفر لذلك بلا تبديل للسيئة بالحسنة ، ولم يقل : وأَنت خير الراحمين ، ولا وأَنت خير الغافرين والراحمين لأَن المغفرة أَهم مع أَنها تضمن الرحمة ، وهى تبديل للسيئة حسنة .