Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-1)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف المسلمون فى غنائم بدر ، أَى وهى قليلة ، فقال الشبان : هى لنا لأَنا باشرنا القتال ، وقال الشيوخ : كنا ردءا أَى عونا لكم تحت الرايات لو انكشفتم لفئتم - أَى رجعتم - إِلينا ، فهى بيننا وبينكم ، واحتار : أَيقسمها بين أَهله المهاجرين أَم الأَنصار ، فنزل قوله تعالى : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * يَسْأَلُونَك } أَى الصحابة المعروفون فى تلك القصة { عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ، وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } والسؤال سؤال استفهام ، لأَن الشبان والشيوخ مع تنازعهم لم يخلوا عن استفهام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل روى أَنهم لما اختلفوا قالوا : يا رسول الله لمن هى ؟ فنزل إِنها لله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقد روى هذا أَحمد وابن حبان والحاكم عن عبادة بن الصامت أَنهم قالوا : لمن الحكم فيها أَللمهاجرين أَم للأَنصار ؟ أَم لهم جميعا ؟ ويجوز أَن يكون سؤال استعطاءُ وعليه فعن صلة أَو بمعنى من التبعيضية ، والأَصل عدم الزيادة ، ويناسب الزيادة قراءَة ابن مسعود وسعد ابن أَبى وقاص ، وعلى بن الحسين وجماعة من أَهل البيت بإِسقاط عن ونصب الأَنفال . قلنا : قراءَة إِثباتها هى المشهورة ، وقراءَة الجمهور فيرد إِليها قراءَة الاسقاط والنصب بأَن نقول : النصب على نزع الجار أَى عن الأَنفال ، وقراءَة الجمهور هى المتواترة ، والمناسبة لقوله تعالى : لله والرسول يقول الشبان : أَعطنا الأَنفال ، ويقول الشيوخ : أَعطنا بعضها وهو النصف ، ويقول سعد بن أَبى وقاص : يا رسول الله قتل سعيد ابن العاص أَخى عميراً فقتلته فأَخذت سيفه هذا فأَعطنيه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ليس لى ولا لك فاطرحه فى القبض " - بفتحتين - أَى فى المقبوض من الغنيمة ، وروى أَنه رجع فسأَله السيف أَيضا مرة أُخرى فشد عليه ونهره وقال : اطرحه فى القبض ، قال : فطرحته وبى ما لا يعلمه إِلا الله من قتل أَخى وأَخذ سلبى ، فما جاوزت إِلا قليلا حتى نزلت سورة الأَنفال ، ونادانى من ورائى مناد : نزل قرآن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأَلتنى السيف وليس لى ، وأَنه قد صار لى فاذهب فخذه " ، وروى أَنه صلى الله عليه وسلم وعدهم أَن يعطيهم ما سلبوا فسارع الشبان فقتلوا سبعين وأَسروا سبعين ، أَخرجه أَبو داود والنسائى والحاكم ، وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما ، ولما نزلت الآية قسمها صلى الله عليه وسلم بينهم سواء ، رواه الحاكم ، فذلك هو قوله تعالى { أَنما غنمتم من شئٍ } [ الأَنفال : 41 ] الآية … لا كما قيل أَنه غيره ثم نسخ به ، وهذا هو الصحيح ، لا ما روى عن سعيد بن جبير أَن السيف وجده سعد بن أَبي وقاص ، وأَنصارى فتنازعا فيه فنزلت الآية . ولعل هذا سيف آخر نزلت الآية فيهما … وإِذا قال الإِمام : من سلب كافرا فله سلبه ، أَو وعده لم يكن له الرجوع ، وإِنما رجع النبى صلى الله عليه وسلم للوحى . والأَنفال جمع نفل - بفتحتين - كفرس وأَفراس وسبب و أَسباب ، والنفل الزيادة - بفتحتين - أَو بسكون الفاءِ ، سميت الغنائم بذلك ، لأَنها زيادة لهذه الأُمة ، وفضل على غيرها . ومنه النافلة فى الصلاة وغيرها لأَنها زيادة على الفريضة قال الله جل وعلا { ووهبنا له إِسحاق ويعقوب نافلة } [ الأَنبياء : 72 ] ، وكذلك ما يعطيه الإِمام مقتحماً خطراً زيادة على سهمه ، وذات بينكم ، الحالة صاحبة بينكم ، والبين بمعنى الفراق أَو الوصل ، أَو ظرف مجرور بالإِضافة ، أَى أَحوالا ذات افتراقكم ، أَو ذات وصلكم ، أَو ذات الكمال المتصل بكم ، وقال الزجاج : ذات بمعنى حقيقة الشئِ ، كما نستعمله فى علم الكلام ، وهذا الضعف من الزجاج ، إِذا لم يثبت فى اللغة ، فهى الحالة التى بينكم هكذا مجملة ، اجعلوها صالحة بالود وترك النزاع والتساب والغلول والخلاف المؤدى إِلى شق العصا ، والمساعدة والعدل والإِحسان . قالوا : قد أَكلنا وأَنفقنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ليرد بعض إِلى بعض " أَو الحالة الإِسلامية التي بينكم أَصلحوها بذلك ، وإِلا فسدت ، وذكر الإِيمان لأَنه يقتضى الإِصلاح المذكور ، والمشرك لا يعمل ذلك ولا يليه ، أَو المراد الإِيمان الكامل لأَنه الذى يستدعى الإِصلاح فإِن الأَعمال شرط فى كمال الإِيمان ، أَو المراد دوام الإِيمان أَو ترتب ما ذكر عليه ، وليس تشكيكا فى إِيمانهم .