Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 24-24)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ } بالطاعة { إِذا دَعَاكُمْ } لم يقل دعواكم لأَن طاعة الله فى طاعة الرسول ، فأَفرد الضمير عائداً للرسول لبيان أَنه بمنزلة من الله حتى أَن دعوته دعوة الله ، ولأَن دعوة الله لا تسمع بلا واسطة فى المعتاد بل برسول ، ولإِجلال عن أَن يقرن مع مخلوق فى الضمير . قال رجل : من يطع الله ورسوله فقد اهتدى ، ومن يعصهما فقد غوى ، فقال صلى الله عليه وسلم : " بئس الخطيب أَنت إِذ قلت ومن يعصهما " ومر بحث فى سورة المائدة . ويجوز عود الضمير لله ، لأَن الدعوة أَصالة منه عز وجل { لِمَا يَحيِيكُمْ } من العلوم الدينية والجهاد ، وقد أَعزكم الله عز وجل به ، والأَعمال الصالحة والقرآن والحق فإِن الإِنسان بدونها كميت ، وهى فيه كالروح ، وذلك على الاستعارة التبعية ، أَو المجاز الإِرسالى التبعى لعلاقة التسبب أَو اللزوم ، أَو لما يبقيكم أَحياء حياة طيبة معتدا بها دائمة ، وهى حياة الجنة فى النعيم الدائم ، وهى ما ذكر من العلم والعمل والقرآن والحق ، أَو لما يبقيكم غير موتى وغير مشبهين بالموتى وهو الجهاد ، إِذ لو لم يجاهدوا لقتلهم العدو ، أَو كانوا فى ذل وهوان كالموت ، أَو لما يحييكم حياة الشهداءِ وهو الجهاد إِن ماتوا به ، فإِن الشهداءَ أَحياء عند ربهم ، مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أَبى سعيد الخدرى يصلى فدعاه فأَوجز فى صلاته ثم جاءَ فقال : ما منعك من إِجابتى ؟ فقال : كنت أُصلى ، قال : " أَلم تخبر فيما أَوحى إِلىَّ { استجيبوا لله وللرسول } " قال : بلى ولا أَعود إِن شاءَ الله . فقال صلى الله عليه وسلم : " لأَعلمنك سورة أَعظم سورة فى القرآن . الحمد لله رب العالمين هى السبع المثانى " رواه الترمذى ومثله فى البخارى عن أَبى هريرة إِلا قوله لأَعلمنك إِلخ … وهذا قبل أَن يحرم الكلام فى الصلاة ، أَو مطلقا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم . وعليه لا تبطل صلاته كما لا تبطل فى الأَول ، وقيل : تبطل . وكذا ينتقل المصلى عن محل الصلاة للتنجية ساكتا ، ويبنى على ما مضى إِن لم يحدث ناقض ، وقيل ينقضها لذلك ، وإِسناد الإِحياءِ إِلى ضمير ما مجاز عقلى ، ويجوز الآن نقضها بالكلام فى الأَمر المهم الذى لا يحتمل أَن يؤخر كالموت ووقوع الطلاق يتكلم لئلا يقع ذاك { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقلْبِهِ } يريد الكفر فيحول بينهما ، أَو الإِيمان فيحول بينهما ، فليبادر الخير ، وكذا غير الكفر والإِيمان من المباحات وسائر الاعتقادات ، والآية عامة ، وكل ما فى القلب أَو غيره من خير أَو شر فمن الله ، قال ابن عباس : سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية فقال : " يحول بين المؤمن والكفر ، ويحول بين الكافر والهدى " ، والمراد العموم ولكن خص الإِيمان والكفر لأَنهما العمدة سعادة وشقاوة ، وكذا فى قوله صلى الله عليه وسلم لأُم سلمة رضى الله عنها إِذ سأَلته عن إِكثار الدعاءِ بيا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك : " يا أُم سلمة إِنه ليس آدمى إِلا وقلبه بين إِصبعين من أَصابع الرحمن تعالى ، فمن شاءَ أَقام ومن شاءَ أَزاغ " ، وقيل : لما ضاقت قلوبهم بالقلة والضعف نزلت ، بمعنى أَن الله يبدل خوفكم أَمنا ، وجبنكم جرأة ، والآية كناية أريد لفظها وهو تغيرها فى اللفظ ، ولازمها وهو قربه تعالى من القلب وهو اطلاعه على ما فيه ، ولو لم ينتبه له صاحبه كما قال : { ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد } [ ق : 16 ] . وللمبادرة للاخلاص والتصفية ، ولفظ بين يمنع أَن يكون يحول بمعنى يقرب على الاستعارة التبعية ، أَو المجاز المرسل من حيث إِن فصل الشئ وحده بين شيئين يوجب القرب منهما ، ولا تتصور الاستعارة التمثيلية . وزعم بعض أَن ذلك استعارة تمثيلية لتمكنه من قلوب العباد فيصرفها عما يريدون ، وهذا لا يكفى فى تقريرها { وَأَنَّهُ } أَى الله ، أَو الشأْن ، والأَول أَولى ، { إِلَيْهِ } لا إِلى غيره { تُحْشَرُونَ } للجزاء بحسب مراتب أَعمالكم ، ولا تخفى عنه ، فلا تألوا جهدًا فى انتهاز الفرصة ، ولا مهرب لكم منه فى الآخرة ولا عن حشره .