Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 25-25)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَاتَّقُوا } أَيها المؤمنون { فِتْنَةً } صرفا عن الدين لأَنفسكم بالكبائر كالبدع وإِقرار المشرك فيكم والمداهنة وافتراق الكلمة وعدم النهى ، أَو اتقوا عذابا دنيويا كالقحط ، اتقوا موجبه من الذنوب فعاد إِلى التفسير الأَول { لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ } فعلوا الكبائر ، لا نافية وأَكد الفعل بالنون بعدها على القلة ، والجملة نعت فتنة ، أَو جواب لإِنْ محذوفة . أَى إِن لا تتقوها ، أَو إِن أَصابتكم لا تصيبن ، وأَداة الشرط والشرط والجواب نعت ، أَو جواب قسم ، أَى والله لا تصيبن ، وذكر النون هنا قولا بجواز توكيد المضارع المقرون بلا النافية إِجراء لها مجرى النهى ، أَو لا ناهية مستأنفة أَو مقولة لنعت محذوف ، أَى فتنة مقولا فيها لا تصيبن ، والنهى فى اللفظ للفتنة وفى المعنى للمكلفين ، أَى لا تظلموا أَنفسكم بالذنوب فتصيبكم الفتنة وحدكم خاصة إِذ نهاكم غيركم كما هو وجه فى قوله تعالى : { لا يحطمنكم سليمان } [ النمل : 18 ] إلخ … وعلى النفى يكون المعنى لا تصيبكم وحدكم ، بل تعم من لم ينه عنها فتكون عليكم تباعتها ، ووجه تأكيد النفى مع أَنه على طريق الترديد لكونه فى جواب أَن أَنه لا ترديد بحسب وقوع الشرط بمعنى أَنه إِن وقع الشرط تحقق الانتفاء وتأَكد ، وقيل أَنه بمعنى النهى ، وعلى كل حال المراد لا يصيبن أَثرها أَو عقابها أَو الفتنة نفس العقاب ، والخطاب للمؤمنين . ومن اتقاء الفتنة إِنكار موجبها من الذنوب ، قال صلى الله عليه وسلم : " إِذا عملت الخطيئة فى الأَرض كان من شهدها فأَنكرها كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كمن شهدها " ، ولفظ ابن الأَثير عنه صلى الله عليه وسلم : " إِن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فلم ينكروه ، فإِذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة " قال أَبو داود عن جرير بن عبد الله البجلى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من رجل يكون فى قوم يعمل فيهم بالمعاصى يقدرون على أَن يغيروا عليه ولم يغيروا إِلا أَصابهم الله بعقاب قبل أَن يموتوا " ، وعن ابن عباس : أَمر الله عز وجل المؤمنين أَن لا يقروا المنكر بين أَظهرهم فيعمهم الله تعالى بعذاب يصيب الظالم وغيره ، قال أَبو بكر رضى الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إِن الناس إِذا رأَوا الظالم ولم يأخذوا على يده أَوشك أَن يعمهم الله بعقاب " ، رواه الترمذى وأَبو داود . ولما وقعت بنو إِسرائيل فى المعاصى وجالس بعض بعضا وواكلوهم وشاربوهم ضرب قلوب بعض ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، رواه ابن مسعود ، وعن الزبير : ما ندرى أَنا معشر أَهل بدر مرادون بالآية لحدث يوم الجمل حتى كان ، وكذا السدى ، وفى البخارى ومسلم عن أَبى هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشى ، والماشى فيها خير من الساعى ، ومن تشرف لها تتشرفه ، ومن وجد ملجأْ أَو معاذا فليعُذْ به " ، وذلك أَن الرضى وترك النهى وزر ، فلا ينافى قوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أُخرى } ومن لم يتأَلم بالمنكر كما يتأَلم بماله أَو ولده إِذا أُصيب فهو راض يعمه العذاب { خَاصَّةً } إِصابة خاصة ، أَو حال من المستتر فى تصيب { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } على الظالمين ومن أَقرهم على الظلم .