Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 26-26)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ } معشر المؤمنين والنبى { قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ } خبر ثان أَو نعت ، قليل أَى معدودون مع تلك القلة ضعفاء ، أَو موجودون ضعفاءَ ، أَو مصيرون ضعفاءَ { فِى الأَرْضِ } أَى أَرض مكة وغيرها ، أَو فى أَرض مكة على أَن الخطاب فى اذكروا وأَنتم للمهاجرين ، وعليه فأَطلق الأَرض مع أَن المراد أَرض مكة للعهد ، أَو لعظمها كأَنها الأَرض كلها ، ولأَن الأَرض بسطت من تحت الكعبة ، ولأَن حالهم فى سائر الأَرض كحالهم فيها من الاستضعاف ، كما قال { تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ } يأخذونكم بسرعة ، فإِنهم يخافون فى مكة وغيرها أَن يتخطفهم الناس ، إِما قريش فى مكة ، وإِما غيرهم فى غيرها ، أَو الخطاب للعرب مطلقا يخافون أَن يتخطفهم فارس والروم ، فالأَرض أَرض مكة وغيرها إِلا ما جعل الله لأَهل مكة من الأَمن ، ولو طمع فيهم هؤلاءِ إِلا أَن فارس لم يملكوا كلهم ، وعن ابن عباس ، قيل : يا رسول الله مَنِ الناس ؟ قال : فارس { فَآوَاكُمْ } ضمكم إِلى حفظه ، وأَزال عنكم الضعف وخوف التخطف ، وجعل المدينة مأوى لكم تتحصنون فيها عن عدوكم { وَأَيَّدَكُمْ } قواكم { بِنَصْرِهِ } إِياكم على الكفار لمظاهرة الأَنصار ، وإِمداد الملائكة فى بدر وغير ذلك { وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } ما حل مما ينفعكم سواء كان لذيذا جدا أَو دون ذلك ، ومنهن الغنائم والزكاة فإِنهما لم يطبن إِلا لهذه الأُمة { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله على إِنعامه عليكم ، ويروى أَنه صلى الله عليه وسلم حاصر قريظة خمسا وعشرين ليلة ، عند البيهقى ، أَو إِحدى وعشرين ، أَو خمس عشرة فأَجهدهم وسأَلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن ينقلهم إِلى إِخوتهم إِلى أَذرعات ، أَو أَريحاءَ من أَرض الشام ، فقال : لا بل انزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فقال رئيسهم كعب بن أسيد آمنوا فقد علمتم أَنه رسول الله فى كتابكم تنجوا من القتل والسبى ، أَو قتَّلوا أَبناءَكم ونساءَكم واخرجوا إِليه بسيوف مجردة ، ولم تتركوا وراءَكم ما تخافون عليه ، فقالوا : أَى عيش بعد أَبنائنا ونسائنا . أَو قاتلوهم الليلة لعلهم قد آمنوا منا لأَنها سبت ، قالوا : لا نفسد سبتنا لئلا يصيبنا ما أَصاب من تعدى فيه من المسخ ، وأَرسلوا إِليه صلى الله عليه وسلم أَن ابعث إِلينا أَبا لبابة ، - وهو رفاعة ابن عبد المنذر - نستشيره فى أَمرنا - وكان يناصحهم وفيهم عياله وماله ، فأَرسله إِليهم وقد أَبوا النزول على حكم سعد لأَنه لا يناصحهم ، فلما رأَوه قام إِليه الرجال والنساء والصبيان يبكون فى وجهه ، فرق لهم وقالوا : يا أَبا لبابة أَننزل على حكم محمد ؟ قال : نعم - لأَن فيهم عياله وماله - وأَشار بيده إِلى حلقه " إِنه الذبح " - ويروى أَننزل على حكم سعد ؟ قال : لا . . إِنه الذبح . قال : وعرفت فى مقامى أَنى خنت الله ورسوله ، فربط نفسه إِلى عمود فى المسجد بحبل أَو سلسلة ثقيلة قبل أَن يراه صلى الله عليه وسلم ، وحلف أَلا يفكه حتى يتوب الله عليه ، وكانت زوجته أَو ابنته ، قولان ، تحله للصلاة وحاجة الإِنسان ثم تربطه ، ستة أ َيام ، أَو بضعة عشر - قولان ، وكاد يصم ويعمى ، وسمعت أَم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتها يضحك . فقالت : " مم تضحك ؟ أَضحك الله سنك " قال : تاب الله عز وجل على أَبى لبابة ، قالت : أبشره ، فقال : إِن شئت . فنادته من باب حجرتها : أَبشر وقد تاب الله عليك . فأَرادوا إِطلاقه ، فقال : لا والله حتى يطلقنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحله فى ذهابه إِلى الصلاة ، ولما اشتد الحصار نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم فحكم فيهم سعد فجئَ به من بيت امرأَة من أَسلم فى المسجد تداوى الجرحى حسبة على حمار بوطاء ، وكان رجلا جسيماً ، ولما جاءَ قال صلى الله عليه وسلم : قوموا إِلى سيدكم . فقاموا ، فقالوا : إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمك فى مواليكم - أَى حلفائك - فقال : تقتل رجالهم ، وتقسم أَموالهم ، وتسبى ذراريهم ونساؤهم . فقال صلى الله عليه وسلم : " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أَرفعة " ، أَى سماوات إِذ رفعت بالنجوم ، وقيل : الربط فى غزوة تبوك ، ونزل فى أَبى لبابة مروان بن عبد المنذر ، أَو اسمه رفاعة وهو الصحيح ، وقيل هما رجلان .