Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 40-41)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِنْ تولَّوْا } أَعرضوا عن الإِسلام بعد قتالكم إِياهم فلا يكرر مع قوله : وإِن يعودوا { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ } أَى لا تخافوهم لأَن الله مولاكم ، أَى يتولى أَمركم ، أَو كناية على أَن لا يخافوهم ، أَو يبقى على ظاهره على أَن المولى بمعنى الناصر فثقوا به { نِعْمَ الْمَوْلَى } هو لا يذل من تولاه ولا يهون { وَنِعْمَ النَّصِيرُ } هو لا يغلب من نصره ، وهو ينصركم فلا تغلبون ، ولما كان القتال يستدعى غنماً قال : { وَاعْلمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ } رابط الموصول محذوف أَى غنمتموه { مِنْ شَىْءٍ } خيطا أَو إِبرة أَو نعلا أَو نحو ذلك أَو أَقل أَو أَكثر { فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ } أَى فواجب ثبوت خمسه لله تعالى ، أَو فالواجب ثبوت خمسه لله تعالى ، أَو فالحكم أَن لله خمسه أَى ثبوت خمسه لله تعالى ، والفئ ما كان بلا قتال ، والغنيمة ما بالقتال ، وقيل : الفئ أَعم ، لأَن كلا يرجع ، وفاءَ رجع ، وقيل : مترادفان ، ذكر الله تعظيما لشأن الحكم والرسول ولا يعزل لله عز وجل شئ بل يعزل لرسوله وكل ما فى الدنيا والآخرة لله تعالى ، وذلك كما فى قوله تعالى { واللهُ ورسوله أَحق أَن يرضوه } [ التوبة : 62 ] ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " مالى مما أَفاء الله عليكم إِلا خمس الخمس " فلو كان لله تعالى سهم على حدة لكان ذلك السهم سدس خمس المغنوم لا خمسه ، ولكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس لا الخمس ، وذلك مذهب الجمهور ، وقال أَبو العالية : لله نصيب ، وذلك فيما غنم ، أَى أُخذ قهرًا ومجاهرة ، وأَما ما أُخذ من دار الحرب اختلاسا أَو سرقة فهو لمن أَخذه واحداً فصاعدا لا يخمس ، وإِن دخلوا للاختلاس بإِذنه فالصحيح أَن يخمس لأَن إِذنه كالإِمداد لهم ، وقيل : يخمس ولو دخلوا بلا إِذن منه ، وسلب المقتول لقاتله إِن قال الإِمام من قتل قتيلا فله سلبه ، وقيل : له ولو لم يقل ، ولو كان القاتل صبيا أَو عبدا أَو امرأَة لعموم حديث من قتل قتيلا فله سلبه على أَنه للعموم والاستمرار ، والصحيح أَن السلب غنيمة إِلا إِن قال : من قتل قتيلا فله سلبه ، قال صلى الله عليه وسلم لحبيب بن أَبى سلمة : " ليس لك من سلب قتيلك إِلا ما أَذن لك فيه إِمامك " { وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى } أَعاد الله اللام لئلا يتوهم اشتراك ذوى القربى فى سهمه صلى الله عليه وسلم لمزيد اتصالهم به صلى الله عليه وسلم { وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } وأَربعة الأَخماس الباقية للغانمين ، قال صلى الله عليه وسلم : " للفارس ولفرسه سهمان " ، رواه عمر ، وعن أَبى حنيفة : للفارس سهمان وأَما الراجل فله سهم ، وعلى قول أَبى العالية يصرف سهم الله للكعبة وهو سدس خمس المغنوم ، قيل : القسمة فى الخمس على عهده صلى الله عليه وسلم : سهم له صلى الله عليه وسلم وسهم لذوى القربى وسهم للثلاثة الباقين ، وسقط سهمه بعده صلى الله عليه وسلم وسهم قرابته فيعطون بالفقر ، وتقدم فقراؤهم ولا حق لأَغنيائهم ، وإِنما أَعطاهم فى حياته للنصرة لا للقرابة ، وكان عمر بن عبد العزيز يخص ولد فاطمة كل عام باثنى عشر أَلف دينار سوى ما يعطى غيرهم من ذوى القربى ، وكان الصديق يسوى ، وعمر بحسب ما يرى ، وروى أَنه صلى الله عليه وسلم يأخذ قبضة ويجعلها للكعبة ، وقيل : إِن قربت وإِلا فللمسجد الأَقرب ، ثم يقسم خمسة الأَسداس الباقية على خمسة ، وقيل : سهم الله لبيت المال ، وقيل : مضموم إِلى سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يصرف إِلى ما كان يصرفه فى حياته من مصالح المسلمين ، كما فعل أَبو بكر وعمر رضى الله عنهما لأَنه لم يخلفه أَحد فى رسالته ، وقيل : إِلى الإِمام لأَنه نائبه ، وقيل : إِلى ذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وقال أَبو حنيفة : سقط سهمه وسهم ذوى القربى بوفاته صلى الله عليه وسلم ، ورجعا إِلى اليتامى والمساكين وابن السبيل ، وقال مالك : يصرف الإِمام سهم الرسول حيث شاءَ ، والمراد بالقرى قرابته صلى الله عليه وسلم ، وذوو قرابته بنو هاشم وبنو المطلب وبنو نوفل وبنو عبد شمس ، أَما هاشم فولده بنو عبد المطلب وأَسد ، ولعبد المطلب عشرة بنين منهم عبد الله وأَبو طالب ، وحمزة والعباس وأَبو لهب والحارث والزبير ، والمراد بذوى القربى منهم بنو هاشم وبنو المطلب ، ولا شئَ لبنى نوفل ولا لبنى عبد شمس ، وكان عثمان بن عفان من بنى عبد شمس ، وجبير بن مطعم من بنى نوفل ، وقسم صلى الله عليه وسلم سهم ذوى القربى بين بنى هاشم وبنى المطلب ، ولم يعط أَحداً من بنى عبد شمس ولا من بنى نوفل شيئاً ، فقال له عثمان وجبير : هؤلاء إِخوانك بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذى جعلك الله منهم ، ولكن أَعطيت إِخواننا بنى المطلب دوننا ، ونحن وهم بمنزلة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " إِنهم لم يفارقونا فى جاهلية ولا إِسلام " وشبك أَصابعه ، أَى لم يفارقهم بنو هاشم فى النصرة فى الجاهلية ولا فى الإِسلام ، وقيل : ذو القربى بنو هاشم ، وقيل : قريش كلهم ، والغنى والفقير فيه سواء لأَنه صلى الله عليه وسلم ، والخلفاءَ من بعده يعطون العباس مع أَنه غنى ، وقيل : مخصوص بفقرائهم كسهم ابن السبيل وهو المسافر البعيد عن ماله ، وقيل : الخمس كله لهم على أَن اليتامى والمساكين وابن السبيل منهم ، والعطف تخصيص والآية نزلت ببدر ، وقيل : الخمس فى غزوة بنى قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أَيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهراً من الهجرة وكانت واقعة بدر يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان ، وهو أَول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم لإِعلاء كلمة الحق والدين { إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ } فاعملوا بما علمتم من أَن لكم أَربعة أَخماس واقنعوا بها ولا تنقصوا من الخمس الذى لهؤلاء شيئاً { وَمَا أَنْزَلْنَا } عطف على لفظ الجلالة أَى وبما أَنزلنا { عَلَى عَبْدِنَا } محمد صلى الله عليه وسلم من النصر والإِمداد بالملائكة والآيات من قوله { يسأَلونك عن الأَنفال } [ الأَنفال : 1 ] إِلخ … إِذ نزلت يوم بدر كما قال { يَوْمَ الْفُرْقَانِ } يوم بدر ، فرق فيه بين الحق والباطل بإِنجاز نصر المؤمنين وإِخماد الكفار { يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَان } بدل من يوم الفرقان ، أَو بيان فهو يوم بدر التقى فيه جمع المؤمنين وجمع الكفار { وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } ومن قدرته إِمدادكم بالملائكة ونصر قلتكم على كثرتهم .