Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 113-113)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ } أَى نبى كان فأَلْ للجنس كما يدل له وما كان استغفار إِبراهيم إِلخ ، فإِنه رد للنقض بمن تقدم فيدخل النبى محمد صلى الله عليه وسلم بالأَولى ، أَو هو مراد ولو كان من قبله كذلك ، ويدل له ما روى كثير منهم البخارى ومسلم أَنه لما احتضر أَبو طالب قال صلى الله عليه وسلم : " أَى عم قل كلمة أَحاج بها عند الله " وقال له أَبو جهل وعبدالله بن أَبى أُمية : يا أَبا طالب ، أَترغب عن ملة عبدالمطلب ؟ فأَعاد صلى الله عليه وسلم وأَعاد أَبو جهل وعبداله فقالا : إِنه على ملة الأَشياخ . فقال صلى الله عليه وسلم : " لا أَزال أَستغفر لك ما لم أَنه عنه " فنزلت الآية ، أَى والتى بعدها ، وفى رواية : " قل لا إِله إِلا الله كلمة أَحاج لك بها " ، والمراد مع قول محمد رسول الله ، وسبب الاختصار أَنهم أَهل أَصنام ، فإِذا قالوا لا إِله إِلا الله فقد صدقوا بأَنه رسول الله آتٍ لرفض الأَصنام . وروى أَنه مات فأَخبر علىٌّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ، فقال : اذهب فاغسله وكفنه وواره ، غفر الله له ورحمه . وفعلت ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياماً ولا يخرج من بيته حتى نزل { ما كان للنبى } وروى أَنه لما احتضر وأَلح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإِيمان قال : لولا خوف السب عليك وعلى بنى أَبيك من بعدى وأَن تتهمنى قريش بالجزع من الموت لقلتها ولا أَقولها إِلا لأَسرك بها ، وضعف ما روى عن العباس أَنه أَصغى إِلى أَبى طالب بأُذنه وهو يحرك شفتيه فقال : يا ابن أَخى لقد قالها ، فقال صلى الله عيه وسلم : " لم أَسمع " ولما كان صلى الله عليه وسلم يستغفر لأَبى طالب ، استغفر المؤمنون لموتاهم حتى نزلت الآية ، وروى أَنه زار أُمه بالأَبواءِ حين رجع من فتح مكة وقام باكياً فقال : " إِنى استأْذنت ربى فى زيارة قبر أُمى فأَذن لى ، واستأْذنت فى الاستغفار لها فلم يأْذن لى ، وأَنزل على : ما كان للنبى " ، حتى قرأَ لأَواه حليم ، والأَبواءُ جبل بين مكة والمدينة ، وعنده بلدة بفتح الهمزة وبالمد . وعن أَبى هريرة : أَتى صلى الله عليه وسلم قبر أُمه فبكى وأَبكى من حوله ، فقال " أَذن لى ربى فى زيارة قبر أُمى هذا ، ولم يأْذن لى فى الاستغفار لها " ، وعن ابن مسعود أَن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أَتى المقابر فناجى قبراً مدة طويله ثم بكى فبكينا لبكائِه ، فصلى ركعتين فدعا عمر ودعانا فقال : " ما أَبكاكم ؟ " فقلنا : بكينا لبكائِك . فقال : " هذا قبر أُمى آمنة ، أَذن لى ربى فى زيارتها ومنعنى من الاستغفار لها " وفى رواية لمسلم : " استأْذنت ربى أَن أَستغفر لأُمى فلم يأْذن لى ، واستأْذنت أَن أَزور قبرها فأَذن لى . " قال بعض شراحه : رأَى قبرها عام الحديبية فبكى وأَبكى من حوله ، وروى : زار قبرها حين الفتح فى أَلف مقنع . زارت أَخوالها بالمدينة ومعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين ، ولما رجعت ماتت بالأَبواءِ ، ثم إِن السورة مدنية ولعلها آخر سورة نزلت ، وأَبو طالب مات قبل الهجرة بثلاث سنين ، فكيف يكون سبب نزول الآية قوله : لا أَزال أَستغفر لك إِلخ ، فلعله كان يستغفر له من ذلك إِلى أَن نزلت الآية بالمدينة وكان المؤمنون كذلك كما قال . { وَالَّذِينَ آمَنُوا } وذلك بعيد ، وكل ما جاز للنبى يجوز لأُمته حتى يقوم دليل التخصيص ، وكذلك التحريم { أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِى قُرْبَى } أَى لو لم يكونوا ذوى قربى ، ولو كانوا أُولى قربى فالعطف على محذوف ، وبعض يجعل الواو للحال فى مثل هذا ، فيكون ما يقدر بالعطف فى الإِعراب الأَول مفهوماً بالأُولى ، ومعنى الاستغفار أَن يطلبوا لهم مغفرة الذنوب ، وفى قولك اللهم اهد المشرك أَو الفاسق مشهور المذهب المنع لأَنه ولاية وفيه قول بالجواز ، لأَنه صلى الله عليه وسلم يقول " اللهم اهد قومى " ولا دليل على الخصوصية وقد يبحث بأَن معنى لأَستغفرن لك ما لم أُنه ، لأَطلبن توفيقك . فنفسر الآية بطلب التوفيق ، فإِذا نهى عنه بالآية فقد نهى عن طلب الهداية ، إِذ طلب الهداية هو طلب التوفيق ، ويبحث بأَنه لا يتصور طلب توفيق من مات على غير توفيق ، وأَما الحى فيتصور ما لم ينزل من الله جل جلاله أَنه شقى كما قال . { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ } لَهُمْ بالموت على الكفر أَو بالوحى مثل أَنه لن يؤمن من قومك إِلا من قد آمن . { أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } فما داموا أَحياءً لم يمنع طلب الاستغفار أَو التوفيق وهذا ظاهر الآية ، وقواعد المذهب لم توافقه ، الجواب أَن التبيين لا يختص بالموت أَو الوحى بل بالجزم بأَنه كافر ولو كان حياً ، فإِذا تحقق الكفر لم يجز الاستغفار له .