Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 76-76)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ } الهاءُ من به عائِد إلى مفعول محذوف ، أَى فلما آتاهم الله مالا بخلوا به ، ولما آتاهم ما سأَلوا بخلوا به ، ومن للابتداء ولو جعلناها تبعيضية وقلنا من التبعيضية اسم لكانت مفعولا لآتى وعادت إِليه الهاءُ ، ويجوز عودها إِلى فضله العام المذكور مرادًا بها الفضل الخاص وهو ما أَعطاه الله على طريق الاستخدام ، وبخلهم هو منعهم الزكاة { وَتَوَلَّوْا } عما عاهدوا من الزكاة والطاعة { وَهُمْ مُعْرِضُونَ } فى غير ذلك أَيضا عن الحق ، ومن عادتهم الإِعراض ، جاءَ ثعلبة بن حاطب الأَنصارى بثاءٍ مثلثة وعين مهملة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أَن يرزقنى مالا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك يا ثعلبة ، قليل تؤدى شكره خير من كثير لا تطيقه " وكان قبل ذلك يحافظ على الصلاة مع الجماعة ، ويعجل الخروج من المسجد ، فقال صلى الله عليه وسلم له : " فيك خصلة نفاق " فقال ما لنا للصلاة إِلا هذا الثوب فأَتعجل به إلى زوجى لتصلى به ، ثم أَتاه بعد ذلك ، فقال : يا رسول الله ادع الله أُن يرزقنى مالا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَما لك فىَّ أُسوة حسنة ، والذى نفسى بيده لو أَردت أَن تسير الجبال معى ذهبا وفضة لسارت " ، ثم أَتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ، ادع الله أَن يرزقنى مالا ، والذى بعثك بالحق لئن رزقنى الله مالاً لأُعطين كل ذى حق حقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم ارزق ثعلبة مالا " فاتخذ غنما فنمت كما ينمو الدود فضاقت عنه المدينة ، فتنحى عنها ونزل واديا من أَوديتها فكان يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ويصلى سائِر الصلوات فى غنمه ، ثم كثرت ونمت حتى تباعد عن المدينة فصار لا يشهد إِلا الجمعة ، فزادت حتى لا يشهد جماعة ولا جمعة ، وإِذا كان يوم الجمعة تلقى الناس يسأَلهم عن الأَخبار فذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " ما فعل ثعلبة ؟ " فقالوا : يا رسول الله اتخذ ثعلبة غنما لا يسعها واد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة ! ! " ونزلت آية الصدقة ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بنى سليم ورجلا من بنى جهينة وكتب لهما أَسنان الصدقة ، وكيف يأْخذانها وقال لهما : مرَّا على ثعلبة بن حاطب وفلان من بنى سليم فخذا صدقتهما فخرجا حتى أَتيا ثعلبة فسأَلاه الصدقة وأَقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ما هذه إِلا جزية . ما هذه إِلا أُخت الجزية . انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إِلى فانطلقا ، وسمع بهما السلمى فنظر إِلى خيار أَسنان إِبله فعزلها للصدقة واستقبلهما بها ، فقالا : ما عليك هذا . قال : خذاه فإِن نفسى طيبة ، فقالا : حتى يأْذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرا على الناس وأَخذا الصدقات ثم رجعا إِلى ثعلبة ، فقال : أَريانى كتابكما فقرأَه وقال : ما هذه إِلا جزية ، ما هذه إِلا أُخت الجزية ، اذهبا حتى أَرى رأْيى ، فرجعا فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل أَن يتكلما : " يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة " ، وأَخبراه بخبر السلمى ، فقبل عنه ودعا له بخير ، وأَخبراه بخبر ثعلبة ونزل فيه : { ومنهم من عاهد الله لئِن آتاها من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين . فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون } وروى أَيضا أَنه أَتى مجلس الأَنصار فقال : عهدت إِليه إِن آتانى مالا تصدقت منه وأَديت حقه ، فورث ابن عم له ولم يف بالوعد ، وكذا معتب بن قشير وعد فأوتى مالا فلم يف ، وكان لحاطب أيضا مال بالشام فأَبطأَ عنه فجاءَه ولم يف ، فلعل الآية نزلت فى ذلك كله .