Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 77-77)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } وكان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية رجل من أَقارب ثعلبة فذهب إِليه فقال : قد نزلت فيك كذا وكذا ، فخرج ثعلبة حتى أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأَله أَن يقبل صدقته . فقال : " إِن الله منعنى أَن أَقبل صدقتك " فجعل يحثو التراب على رأْسه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا عملك قد أَمرتك فلم تعطنى " ، وأَتى أَبا بكر فى خلافته فقال : لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أَقبلها ، وأَتى عمر فى خلافته فقال له : لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أَبو بكر فلا أَقبلها ، وأَتى عثمان فى خلافته فلم يقبلها ومات فى خلافته ، ولو أَدرك الإِمام عليا لم يقبلها منه كما لم يقبلها من قبله ، وهو كأَشدهم عزوفا عن الدنيا ومالها ولذاتها ، والواجب أَداءُ الزكاة بطيب نفس أَو بالصبر عليه والاحتساب ، والضمير فى أَعقب عائد إِلى البخل أَى أَورثهم ، أَو إِلى الله عز وجل أَى صير عاقبتهم نفاقا ، يقال : أعقبك الله خيرا أى صير عاقبتك خيرا ، وهذا أَولى لعود هاءِ فضله وهاءِ يلقونه إِليه تعالى ، قيل ولأَن إِسنَاد إِعقاب النفاق إِلى البخل بعيد لقوله بما أَخلفوا الله ما وعدوه ، فإِن الإِخلاف هو بالبخل فكأنه أَعقب البخل نفسه ، الجواب أَنه نفاق أَعقب نفاقا آخر ، والمعصية تورث معصية . وفى متعلق بنعت محذوف أى راسخا فى قلوبهم ، والنفاق فى القلب والنفاق بالجارحة تابع له وأَجاز بعضهم عود الهاءِ من يلقونه للبخل أَى جزاءَ بخلهم والفاءُ فى قوله فأَعقبهم والباءُ فى قوله بما أَخلفوا سببيتان وما مصدرية ، أَى بإِخلافهم الله ، ويوم القيامة وقت الموت أَو البعث ، والذى وعدوا الله به الصلاح وأداءُ حقوق المال والنفل منه ، وكذبهم هو خلف الوعد ، فذلك تأْكيد لأَن إِخلاف الوعد متضمن للكذب إِلا أَن يقال : الكذب أَولا فى حين نطقوا بالوعد وهو لفظ ونفاقه إِضمار شرك بدليل قراءَة يكذبون ، ولو كان حثو التراب على رأْسه يدل على أَن له تصديقا ، ويناسب الإِشراك قوله ما هذه إِلا جزية ، وقوله ما هذه إِلا أُخت الجزية ، ولو أَتى بها بعد ، وما مصدرية ، والمصدر من الكون الذى له خبر وهو دال على الحدث فيتعلق به الظروف فالتقدير بكونهم يكذبون . هذا هو الحق لا ما قيل أَنه لا يدل على الحدث وأَنه لا يعلق به الظروف وأَن المصدر مما بعده هكذا . ويكذبهم أَلا ترى إلى قوله : ( وكونك إِياه عليك يسير ) وترجمة مصدره بلى بفتح اللام بلغة البربر ، ومن حديث أَبى هريرة مرفوعاً : " آية النفاق ثلاث : إِذا حدث كذب ، وإِذا وعد أَخلف ، وإِذا أُؤتِمَن خان " ومن حديث عبدالله بن عمر وابن العاص مرفوعاً : " أَربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خلة وفى رواية خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إِذا حدث كذب ، وإِذا عاهد غدر ، وإِذا وعد أَخلف ، وإِذا خاصم فجر " ، وهذا ظاهر فى أَن النفاق يطلق فى إِضمار الشرك مع إِظهار التوحيد ، وفى الفسق ممن يوحد الله فى قلبه ولسانه ، وقومنا لما خصوا النفاق بإِضمار الشرك وإِظهار التوحيد احتاجوا إِلى أَن يقولوا : شبه الفاسق بمن أَظهر الشرك وأَظهر التوحيد وإلى أَن يقول بعض منهم : إِن ذلك فى الفاسق الغالب عليه ذلك وإلى أَن يقول بعض : ذلك فى المنافقين على عهده صلى الله عليه وسلم وإِلى أَن يقول بعض : ذلك فى رجل مخصوص فى عهده ، وذلك خبط والحق ما قلت أولا .