Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 9-9)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضًا } الظاهر أن هذا من جملة ما حكى بعد قوله سبحانه : { إِذْ قَالُواْ } [ يوسف : 8 ] وقد قاله بعض منهم مخاطباً للباقين وكانوا راضين بذلك إلا من قال : { لاَ تَقْتُلُواْ } [ يوسف : 10 ] الخ ، ويحتمل أنه قاله كل منهم مخاطباً للبقية ، والاستثناء هو الاستثناء ، وزعم بعضهم أن القائل رجل غيرهم شاوروه في ذلك وهو خلاف الظاهر ولا ثبت له ، والظاهر أن القائل خيرهم بين الأمرين القتل والطرح . وجوز أن يكون المراد قال بعض : اقتلوا يوسف وبعض اطرحوه والطرح رمي الشيء وإلقاؤه ، ويقال : طرحت الشيء أبعدته ، ومنه قول عروة بن الورد : @ ومن يك مثلي ذا عيال ومقتراً من المال يطرح نفسه كل مطرح @@ ونصب { أَرْضًا } على إسقاط حرف الجر كما ذهب إليه الحوفي وابن عطية أي ألقوه في أرض بعيدة عن الأرض التي هو فيها ، وقيل : نصب على أنه مفعول ثان لاطرحوه لتضمينه معنى أنزلوه فهو كقوله تعالى : { أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } [ المؤمنون : 29 ] ، وقيل : منصوب على الظرفية ، ورده ابن عطية وغيره بأن ما ينتصب على الظرفية المكانية لا يكون إلا مبهماً وحيث كان المراد أرضاً بعيدة عن أرضه لم يكن هناك إبهام ، ودفع بما لا يخلو عن نظر ، وحاصل المعنى اقتلوه أو غربوه فإن التغريب كالقتل في حصول المقصود مع السلامة من إثمه ، ولعمري لقد ذكروا أمرين مرين فإن الغربة كربة أية كربة ؛ ولله تعالى در من قال : @ حسنوا القول وقالوا غربة إنما الغربة للأحرار ذبح @@ { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } بالجزم جواب الأمر ، والوجه الجارحة المعروفة ، وفي الكلام كناية تلويحية عن خلوص المحبة ، ومن هنا قيل : أي يقبل عليكم إقبالة واحدة لا يلتفت عنكم إلى غيركم ، والمراد سلامة محبته لهم ممن يشاركهم فيها وينازعهم إياها ، وقد فسر الوجه بالذات والكناية بحالها خلا أن الانتقال إلى المقصود بمرتبتين على الأول وبمرتبة على هذا ، وقيل : الوجه بمعنى الذات ، وفي الكلام كناية عن التوجه والتقيد بنظم أحوالهم وتدبير أمورهم لأن خلوه لهم يدل على فراغه عن شغل يوسف عليه السلام فيشتغل بهم وينظم أمورهم ، ولعل الوجه الأوجه هو الأول { وَتَكُونُواْ } بالجزم عطفاً على جواب الأمر . وبالنصب بعد الواو بإضمار أن أي يجتمع لكم خلو وجهه والكون { من بَعْده } أي بعد يوسف على معنى بعد الفراغ من أمره أو من بعد قتله أو طرحه ، فالضمير إما ليوسف أو لأحد المصدرين المفهومين من الفعلين . { قَوْمًا صَـٰلِحِينَ } بالتوبة والتنصل إلى الله تعالى عما جئتم به من الذنب كما روي عن الكلبـي وإليه ذهب الجمهور ، فالمراد بالصلاح الصلاح الديني بينهم وبين الله تعالى ، ويحتمل أن المراد ذلك لكن بينهم وبين أبيهم بالعذر وهو وإن كان مخالفاً للدين لكونه كذباً لكنه موافق له من جهة أنهم يرجون عفو أبيهم وصفحه / به ليخلصوا من العقوق على ما قيل ، ويحتمل أن يراد الصلاح الدنيوي أن صالحين في أمر دنياكم فإنه ينتظم لكم بعده بخلو وجه أبيكم ، وإيثار الخطاب في { لَكُمْ } وما بعده للمبالغة في حملهم على القبول فإن اعتناء المرء بشأن نفسه واهتمامه بتحصيل منافعه أتم وأكمل .