Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 10-10)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } هو يهوذا وكان رأيه فيه أهون شراً من رأي غيره وهو القائل : { فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ } [ يوسف : 80 ] الخ قاله السدي . وقال قتادة وابن إسحاق : هو روبيل ، وعن مجاهد أنه شمعون ، وقيل : دان ، وقال بعضهم : إن أحد هذين هو القائل : { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ } [ يوسف : 9 ] الخ ، وأما القائل : { لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ } فغيره ، ولعل الأصح أنه يهوذا . قيل : وإنما لم يذكر أحد منهم باسمه ستراً على المسيء وكل منهم لم يخل عن الإساءة وإن تفاوتت مراتبها ، والقول بأنه على هذا لا ينبغي لأحد أن يعين أحداً منهم باسمه تأسياً بالكتاب ليس بشيء لأن ذلك مقام تفسير وهو فيه أمر مطلوب . والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأن سائلاً سأل اتفقوا على ما عرض عليهم من خصلتي الصنيع أم خالفهم في ذلك أحد ؟ فقيل : قال قائل منهم : لا تقتلوا الخ ، والإتيان بيوسف دون ضميره لاستجلاب شفقتهم عليه واستعظام قتله وهو هو فإنه يروى أنه قال لهم : القتل عظيم ولم يصرح بنهيهم عن الخصلة الأخرى ، وأحاله على أولوية ما عرضه عليهم بقوله : { وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبّ } أي في قعره وغوره سمي به لغيبته عن عين الناظر ، ومنه قيل للقبر : غيابة ، قال المنخل السعدي : @ إذا أنا يوماً غيبتني ( غيابتي ) فسيروا بسيري في العشيرة والأهل @@ وقال الهروي : الغيابة في الجب شبه كهف أو طاق في البئر فوق الماء يغيب ما فيه عن العيون ، والجب الركية التي لم تطو فإذا طويت فهي بئر قال الأعشى : @ لئن كنت في جب ثمانين قامة ورقِّيت أسباب السماء بسلم @@ ويجمع على جبب وجباب وأجباب ، وسمي جباً لأنه جب من الأرض أي قطع ، وسيأتي قريباً إن شاء الله تعالى الكلام في تأنيثه وتذكيره . وقرأ نافع - في غيابات في الموضعين كأن لتلك الجب غيابات ، ففيه إشارة إلى سعتها ، أو أراد بالجب الجنس أي في بعض غيابات الجب ، وقرأ ابن هرمز غيابات بتشديد الياء التحتية وهو صيغة مبالغة ، ووزنه على ما نقل صاحب « اللوامح » يجوز أن يكون فعالات كحمامات ، ويجوز أن يكون فيعالات كشيطانات في جمع شيطانة ، وقرأ الحسن ( غيبة ) بفتحات على أنه في الأصل مصدر كالغلبة ، ويحتمل أن يكون جمع غائب كصانع وصنعة ، وفي حرف أبيّ رضي الله تعالى عنه ( غيبة ) بسكون الياء التحتية على أنه مصدر أريد به الغائب . { يَلْتَقِطْهُ } أي يأخذه على وجه الصيانة عن الضياع والتلف فإن الالتقاط أخذ شيء مشرف على الضياع كذا قيل ، وفي « مجمع البيان » هو أن يجد الشيء ويأخذه من غير أن يحسبه ، ومنه قوله : @ ومنهل وردته التقاطاً @@ { بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ } أي بعض جماعة تسير في الأرض وأل في السيارة كما في الجب وما فيهما ، وفي البعض من الإبهام لتحقيق ما يتوخاه من ترويج كلامه بموافقته لغرضهم الذي هو تنائي يوسف عليه السلام عنهم بحيث لا يدرى أثره ولا يروى خبره ، وقرأ الحسن تلتقطه على التأنيث باعتبار المعنى كما في قوله : @ إذا بعض السنين ( تعرفتنا ) كفى الأيتام فقد أبى اليتيم @@ / وجاء قطعت بعض أصابعه وجعلوا هذا من باب اكتساب المضاف من المضاف إليه التأنيث كقوله : @ كما شرقت صدر القناة من الدم @@ { إِن كُنتُمْ فَـٰعِلِينَ } أي إن كنتم عازمين مصرين على أن تفعلوا به ما يفرق بينه وبين أبيه أو إن كنتم فاعلين بمشورتي ورأيـي فألقوه الخ ، ولم يبت القول لهم بل عرض عليهم ذلك تأليفاً لقلوبهم وتوجيهاً لهم إلى رأيه وحذراً من سوء ظنهم به ؛ ولما كان هذا مظنة لسؤال سائل يقول : فما فعلوا بعد ذلك هل قبلوا رأيه أم لا ؟ فأجيب على سبيل الاستئناف على وجه أدرج في تضاعيفه قبولهم له بما سيجيء إن شاء الله تعالى من قوله سبحانه : { وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ } [ يوسف : 15 ]