Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 62-62)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ } وهو الذي أحوجته شدة من الشدائد وألجأته إلى اللجأ والضراعة إلى الله عز وجل ، فهو اسم مفعول من الاضطرار الذي هو افتعال من الضرورة ، ويرجع إلى هذا تفسير ابن عباس له بالمجهود ، وتفسير السدي بالذي لا حول ولا قوة له ، وقيل : المراد بذلك المذنب إذا استغفر ، واللام فيه على ما قيل : للجنس لا للاستغراق حتى يلزم إجابة كل مضطر وكم من مضطر لا يجاب . وجوز حمله على الاستغراق لكن الإجابة مقيدة بالمشيئة كما وقع ذلك في قوله تعالى : { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء } [ الأنعام : 41 ] ومع هذا كره النبـي صلى الله عليه وسلم أن يقول الشخص : اللهم اغفر لي إن شئت ؛ وقال عليه الصلاة والسلام : " إنه سبحانه لا مكره له " ، والمعتزلة يقيدونها بالعلم بالمصلحة لإيجابهم رعاية المصالح عليه جل وعلا ، وقال صاحب « الفرائد » : ما من مضطر دعا إلا أجيب وأعيد نفع دعائه إليه إما في الدنيا وإما في الآخرة ، وذلك أن الدعاء طلب شيء فإن لم يعط ذلك الشيء بعينه يعط ما هو أجل منه أو إن لم يعط هذا الوقت يعط بعده اهـ . وظاهره حمله على الاستغراق من دون تقييد للإجابة ، ولا يخفى أنه إذا فسرت الإجابة بإعطاء السائل ما سأله حسبما سأل لا بقطع سؤاله سواء كان بالإعطاء المذكور أم بغيره لم يستقم ما ذكره ، وقال العلامة الطيبـي : التعريف للعهد لأن سياق الكلام في المشركين يدل عليه الخطاب بقوله تعالى : { وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء } والمراد التنبيه على أنهم عند اضطرارهم في نوازل الدهر وخطوب الزمان كانوا يلجأون إلى الله تعالى دون الشركاء والأصنام ، ويدل على التنبيه قوله تعالى : { أَءِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } قال صاحب « المفتاح » : كانوا إذا حزبهم أمر دعوا الله تعالى دون أصنامهم ، فالمعنى إذا حزبكم أمر أو قارعة من قوارع الدهر إلى أن تصيروا آيسين من الحياة من يجيبكم إلى كشفها ويجعلكم بعد ذلك تتصرفون في البلاد كالخلفاء { ءَإِله مع ٱللهِ } فلا يكون المضطر عاماً ولا الدعاء فإنه مخصوص بمثل قضية الفلك ، وقد أجيبوا إليه في قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [ يونس : 22 ] الآية اهـ . وأنت تعلم أنه بعيد غاية البعد ، ولعل الأولى الحمل على الجنس والتقييد بالمشيئة وهو سبحان لا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة ، والدعاء بشيء من قبيل أحد الأسباب العادية له فافهم . { وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء } أي يرفع عن الإنسان ما يعتريه من الأمر الذي يسوؤه ، وقيل : الكشف أعم من الدفع والرفع ، وعطف هذه الجملة على ما قبلها من قبيل عطف العام على الخاص ، وقيل : المعنى ويكشف سوءه أي المضطر ، أو ويكشف عنه السوء والعطف من قبيل عطف التفسير فإن إجابة المضطر هي كشف السوء عنه الذي صار مضطراً بسببه وهو كما ترى . { وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء ٱلأَرْضِ } أي خلفاء من قبلكم من الأمم في الأرض بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها بعدهم ، وقيل : المراد بالخلافة الملك والتسلط ، وقرأ الحسن ( ونجعلكم ) بنون العظمة . { ءَإِله مَعَ ٱللَّهِ } الذي هذه شؤونه ونعمه تعالى : { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } أي تذكراً قليلاً ، أو زماناً قليلاً تتذكرون - فقليلا - نصب على المصدرية ، أو على الظرفية لأنه صفة مصدر أو ظرف مقدر ، و - ما - مزيدة على التقديرين لتأكيد معنى القلة التي أريد بها العدم ، أو ما يجري مجراه في الحقارة وعدم الجدوى ، ومفعول { تَذَكَّرُونَ } محذوف للفاصلة ، فقيل : التقدير تذكرون نعمه ، وقيل : تذكرون مضمون ما ذكر من الكلام ، وقيل : تذكرون ما مر لكم من البلاء والسرور ، ولعل الأولى نعمه المذكورة ، وللإيذان بأن المتذكر في غاية الوضوح بحيث لا يتوقف إلا على التوجه إليه كان التذييل بنفي التذكر ، وقرأ الحسن والأعمش وأبو عمرو - يذكرون - بياء الغيبة ، وقرأ أبو حيوة - تتذكرون - بتاءين .