Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 75-75)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدّهِ إِلَيْكَ } شروع في بيان نوع آخر من معايبهم ، و { تَأْمَنْهُ } من أمنته بمعنى ائتمنته والباء قيل : بمعنى على ، وقيل : بمعنى في أي في حفظ قنطار والقنطار تقدم قنطار من الكلام فيه يروى أن عبد الله بن سلام استودعه قرشي ألفاً ومائتي أوقية ذهباً فأداه إليه . { وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } كفنحاص بن عازوراء فإنه يروى أنه استودعه قرشي آخر ديناراً فجحده ، وقيل : المأمون على الكثير النصارى إذ الغالب فيهم الأمانة ، والخائنون في القليل اليهود إذ الغالب عليهم الخيانة ، وروي هذا عن عكرمة . و الدينار لفظ أعجمي وياؤه بدل عن نون وأصله دنار فأبدل أول المثلين ياءاً لوقوعه بعد كسرة ، ويدل على الأصل جمعه على دنانير فإن الجمع يردّ الشيء إلى أصله ، وهو في المشهور أربعة وعشرون قيراطاً والقيراط ثلاث حبات من وسط الشعير فمجموعه اثنتان وسبعون حبة قالوا : ولم يختلف جاهلية ولا إسلاماً ، ومن الغريب ما أخرجه ابن أبـي حاتم عن مالك بن دينار أنه قال : إنما سمي الدينار ديناراً لأنه دين ونار ومعناه أن من أخذه بحقه فهو دينه ، ومن أخذه بغير حقه فله النار ، ولعله إبداء إشارة من هذا اللفظ لا أنه في نفس الأمر كذلك كما لا يخفى على مالك درهم من عقل فضلاً عن مالك دينار وقرىء { يُؤَدّهِ } بكسر الهاء مع وصلها بياء في اللفظ وبالكسر من غير ياء ، وبالإسكان إجراءاً للوصل مجرى الوقف وبضم الهاء ووصلها بواو في اللفظ وبضمها من غير واو . { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } استثناء من أعم الأحوال أو الأوقات أي : لا يؤده إليك في حال من الأحوال ، أو في وقت من الأوقات إلا في حال دوام قيامك ، أو في وقت دوام قيامك ، والقيام مجاز عن المبالغة في المطالبة ، وفسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالإلحاح ، والسدي بالملازمة والاجتماع معه ، والحسن بالملازمة والتقاضي ، والجمهور على ضم دال دمت فهو عندهم كقلت ، وقرىء بكسر الدال فهو حينئذٍ على وزان خفت وهو لغة ، والمضارع على اللغة الأولى : يدوم كيقوم ، وعلى الثانية : يدام كيخاف . { ذٰلِكَ } أي ترك الأداء المدلول عليه بقوله سبحانه وتعالى : { لاَّ يُؤَدِّهِ } . { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ } ضمير الجمع عائد على { مَنْ } في { مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ } وجمع حملاً على المعنى والباء للسببية أي بسبب قولهم { لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلأُمِّيِِّينَ سَبِيلٌ } أي ليس علينا فيما أصبناه من أموال العرب عتاب وذم . / أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : بايع اليهود رجال من المسلمين في الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم عن بيوعهم فقالوا : ليس علينا أمانة ولا قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم فقال الله تعالى : { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي أنهم كاذبون ، وقال الكلبـي : قالت اليهود : الأموال كلها كانت لنا فما في أيدي العرب منها فهو لنا وأنهم ظلمونا وغصبونا فلا إثم علينا في أخذ أموالنا منهم ، وأخرج ابن المنذر وغيره عن سعيد بن جبير قال : « لما نزلت { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } إلى قوله سبحانه : { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلامّيِينَ سَبِيلٌ } قال النبـي صلى الله عليه وسلم : " كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر " والجار والمجرور متعلق بيقولون ، والمراد يفترون ، ويجوز أن يكون حالاً من { الكذب } مقدماً عليه ، ولم يجوز أبو البقاء تعلقه به لأن الصلة لا تتقدم على الموصول ، وأجازه غيره لأنه كالظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره .