Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 21-21)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَـٰقَوْم ٱدْخُلُواْ الأَرْضَ ٱلْمُقَدَّسَةَ } كرر النداء مع الإضافة التشريفية اهتماماً بشأن الأمر ، ومبالغة في حثهم على الامتثال به ، والأرض المقدسة هي ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والسدي . وابن زيد بيت المقدس ، وقال الزجاج : دمشق وفلسطين والأردن ، وقال مجاهد هي أرض الطور وما حوله ، وعن معاذ بن جبل هي ما بين الفرات وعريش مصر ، والتقديس : التطهير ، ووصفت تلك الأرض بذلك إما لأنها مطهرة من الشرك حيث جعلت مسكن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، أو لأنها مطهرة من الآفات ، وغلبة الجبارين عليها لا يخرجها عن أن تكون مقدسة ، أو لأنها طهرت من القحط والجوع ، وقيل : سميت مقدسة لأن فيها المكان الذي يتقدس فيه من الذنوب . { ٱلَّتي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمْ } أي قدرها وقسمها لكم ، أو كتب في اللوح المحفوظ أنها تكون مسكناً لكم . روي أن الله تعالى أمر الخليل عليه الصلاة والسلام أن يصعد جبل لبنان فما انتهى بصره إليه فهو له ولأولاده فكانت تلك الأرض مدى بصره ، وعن قتادة والسدي أن المعنى التي أمركم الله تعالى بدخولها وفرضه عليكم ، فالكتب هنا مثله في قوله تعالى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ } [ البقرة : 183 ] وذهب إلى الاحتمالين الأولين كثير من المفسرين ، والكتب على أولهما مجاز ، وعلى ثانيهما حقيقة ، وقيدوه بإن آمنتم وأطعتم لقوله تعالى لهم بعدما عصوا : { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } [ المائدة : 26 ] . وقوله سبحانه : { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَاركُمْ فَتَنْقَلبُواْ خَـٰسرينَ } فإن ترتيب الخيبة والخسران على الارتداد يدل على اشتراط الكتب بالمجاهدة المترتبة على الإيمان قطعاً ، والأدبار جمع دبر وهو ما خلفهم من الأماكن من مصر وغيرها ، والجار والمجرور حال من فاعل { ترتدوا } أي لا ترجعوا عن مقصدكم منقلبين خوفاً من الجبابرة ، وجوز أن يتعلق بنفس الفعل ، ويحتمل أن يراد بالارتداد صرف قلوبهم عما كانوا عليه من الاعتقاد صرفاً غير محسوس أي لا ترجعوا عن دينكم بالعصيان وعدم الوثوق بالله تعالى وإليه ذهب أبو علي الجبائي ، وقوله تعالى : { فتنقلبوا } إما مجزوم بالعطف وهو الأظهر ، وإما منصوب في جواب النهي ، قال الشهاب : على أنه من قبيل لا تكفر تدخل النار وهو ممتنع خلافاً للكسائي ، وفيه نظر لا يخفى ، والمراد بالخسران خسران الدارين .