Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 22-22)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وحده سبحانه { عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } وهو ما لم يتعلق به علم مخلوق وإحساسه أصلاً وهو الغيب المطلق { وَٱلشَّهَـٰدَةِ } وهو ما يشاهده مخلوق . قال الراغب : ( ( الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة ، وقد يعتبر الحضور مفرداً لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى ) ) ، وحمل الغيب على المطلق هو المتبادر ، وأل فيه للاستغراق إذ لا قرينة للعهد ، ومقام المدح يقتضيه مع قوله تعالى : { عَلَّـٰمُ ٱلْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ] فيشمل كل غيب واجباً كان أو ممكناً موجوداً أو معدوماً أو ممتنعاً لم يتعلق به علم مخلوق ، ويطلق الغيب على ما لم يتعلق به علم مخلوق معين وهو الغيب المضاف أي الغيب بالنسبة إلى ذلك المخلوق وهو على ما قيل : مراد الفقهاء في قولهم : مدعي علم الغيب كافر ، وهذا قد يكون من عالم الشهادة كما لا يخفى . وذكر الشهادة مع أنه إذا كان كل غيب معلوماً له تعالى كان كل شهادة معلوماً له سبحانه بالطريق الأولى من باب قوله عز وجل : { لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا } [ الكهف : 49 ] . وقيل : الغيب ما لا يقع عليه الحس من المعدوم أو الموجود الذي لا يدرك ، والشهادة ما يقع عليه الإدراك بالحس . وقال الإمام أبو جعفر رضي الله تعالى عنه : الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان ، وقال الحسن : الغيب السر والشهادة العلانية ، وقيل : الأول : الدنيا بما فيها . والثاني : الآخرة بما فيها ، وقيل : الأول : الجواهر المجردة وأحوالها . والثاني : الأجرام والأجسام وأعراضها ، وفيه أن في ثبوت المجردات خلافاً قوياً ، وأكثر السلف على نفيها . وتقديم الغيب لأن العلم به كالدليل على العلم بالشهادة ، وقيل : لتقدمه على الشهادة فإن كل شهادة كان غيباً وما برز ما برز إلا من خزائن الغيب ، وصاحب القيل الأخير يقول : إن تقديم الغيب لتقدمه في الوجود وتعلق العلم القديم به . واستدل بالآية على أنه تعالى عالم بجميع المعلومات ، ووجهه ما أشرنا إليه ، وتتضمن على ما قيل : دليلاً آخر عليه لأنها تدل على أنه لا معبود إلا هو ويلزمه أن يكون سبحانه خالقاً لكل شيء بالاختيار كما هو الواقع في نفس الأمر ، والخلق بالاختيار يستحيل بدون العلم ، ومن هنا قيل : الاستدلال بها على هذا المطلب أولى من الاستدلال بقوله تعالى : { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } [ البقرة : 282 ] . { هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } برحمة تليق بذاته سبحانه ، والتأويل وإن ذكره علماء أجلاء من الماتريدية والأشاعرة لا يحتاج إليه سلفي كما حقق في « التمييز » وغيره .