Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 23-23)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } كرر لإبراز كمال الاعتناء بأمر التوحيد { ٱلْمَلِكُ } المتصرف بالأمر والنهي ، أو المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها ، أو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ويستحيل عليه الإذلال ، أو الذي يولي ويعزل ولا يتصور عليه تولية ولا عزل ، أو المنفرد بالعز والسلطان ، أو ذو الملك والملك خلقه ، أو القادر ، أقوال حكاها الآمدي ، وحكي الأخير عن القاضي أبـي بكر { ٱلْقُدُّوسُ } البليغ في النزاهة عما يوجب نقصاناً ، أو الذي له الكمال في كل وصف اختص به ، أو الذي لا يحدّ ولا يتصور . وقرأ أبو السمال وأبو دينار الأعرابـي { ٱلْقدوسُ } بفتح القاف وهو لغة فيه لكنها نادرة ، فقد قالوا : فعول بالضم كثير ، وأما بالفتح فيأتي / في الأسماء كسمور وتنور وهبود اسم جبل باليمامة ، وأما في الصفات فنادر جداً ، ومنه سبوح بفتح السين . { ٱلسَّلَـٰمُ } ذو السلامة من كل نقص وآفة ، مصدر وصف به للمبالغة ، وعن الجبائي هو الذي ترجى منه السلامة ، وقيل : أي الذي يسلم على أوليائه فيسلمون من كل مخوف { ٱلْمُؤْمِنُ } قيل : المصدق لنفسه ولرسله عليهم السلام فيما بلغوه عنه سبحانه إما بالقول أو بخلق المعجزة ، أو واهب عباده الأمن من الفزع الأكبر أو مؤمنهم منه إما بخلق الطمأنينة في قلوبهم أو بإخبارهم أن لا خوف عليهم ، وقيل : مؤمن الخلق من ظلمه ، وقال ثعلب : المصدق المؤمنين في أنهم آمنوا ، وقال النحاس : في شهادتهم على الناس يوم القيامة ؛ وقيل : ذو الأمن من الزوال لاستحالته عليه سبحانه ، وقيل : غير ذلك . وقرأ الإمام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم وقيل أبو جعفر المدني { ٱلْمُؤْمِنُ } بفتح الميم على الحذف والإيصال كما في قوله تعالى : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] أي المؤمن به . وقال أبو حاتم : لا يجوز إطلاق ذلك عليه تعالى لإيهامه ما لا يليق به سبحانه إذ المؤمن المطلق من كان خائفاً وآمنه غيره ، وفيه أنه متى كان ذلك قراءة ولو شاذة لا يصح هذا لأن القراءة ليست بالرأي . { ٱلْمُهَيْمِنُ } الرقيب الحافظ لكل شيء مفيعل من الأمن بقلب همزته هاءاً ، وإليه ذهب غير واحد ، وتحقيقه كما في « الكشف » أن أيمن على فيعل مبالغة أمن العدو للزيادة في البناء ، وإذا قلت : أمن الراعي الذئب على الغنم مثلاً دل على كمال حفظه ورقبته ، فالله تعالى أمن كل شيء سواه سبحانه على خلقه وملكه لإحاطة علمه وكمال قدرته عز وجل ، ثم استعمل مجرد الدلالة بمعنى الرقيب والحفيظ على الشيء من غير ذكر المفعول بلا واسطة للمبالغة في كمال الحفظ كما قال تعالى : { وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ } [ المائدة : 48 ] وجعله من ذاك أولى من جعله من الأمانة نظراً إلى أن الأمين على الشيء حافظ له إذ لا ينبـىء عن المبالغة ولا عن شمول العلم والقدرة . وجعله في « الصحاح » اسم فاعل من آمنه الخوف على الأصل فأبدلت الهمزة الأصلية ياءاً كراهة اجتماع الهمزتين وقلبت الأولى هاءاً كما في هراق الماء ، وقولهم في { إِيَّاكَ } [ الفاتحة : 5 ] : هياك كأنه تعالى بحفظه المخلوقين صيرهم آمنين ، وحرف الاستعلاء كمهيمناً عليه لتضمين معنى الاطلاع ونحوه ، وأنت تعلم أن الاشتقاق على ما سمعت أولاً أدل والخروج عن القياس فيه أقل ، وظاهر كلام « الكشف » أنه ليس من التصغير في شيء . وقال المبرد : إنه مصغر ، وخطىء في ذلك فإنه لا يجوز تصغير أسمائه عز وجل . { ٱلْعَزِيزُ } الغالب ، وقيل : الذي لا مثل له ، وقيل : الذي يعذب من أراد ، وقيل : الذي عليه ثواب العاملين ، وقيل : الذي لا يحط عن منزلته ، وقيل : غير ذلك { ٱلْجَبَّارُ } الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه : ويقال في فعله : أجبر ، وأمثلة المبالغة تصاغ من غير الثلاثي لكن بقلة ، وقيل : إنه من جبره بمعنى أصلحه ، ومنه جبرت العظم فانجبر فهو الذي جبر أحوال خلقه أي أصلحها ، وقيل : هو المنيع الذي لا ينال يقال للنخلة إذا طالت وقصرت عنها الأيدي : جبارة ، وقيل : هو الذي لا ينافس في فعله ولا يطالب بعلة ولا يحجر عليه في مقدوره . وقال ابن عباس : هو العظيم ، وقيل : غير ذلك . { ٱلْمُتَكَبّرُ } البليغ الكبرياء والعظمة لأنه سبحانه برىء من التكلف الذي تؤذن به الصيغة فيرجع إلى لازمه من أن الفعل الصادر عن تأنق أقوى وأبلغ ، أو الذي / تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصاناً . { سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } تنزيه لله تعالى عما يشركون به سبحانه ، أو عن إشراكهم به عز وجل إثر تعداد صفاته تعالى التي لا يمكن أن يشارك سبحانه في شيء منها أصلاً .