Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 11-11)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { رَسُولاً } بدلاً منه ؛ وعبر عن إرساله بالإنزال ترشيحاً للمجاز ، أو لأن الإرسال مسبب عنه فيكون { أَنَزلَ } [ الطلاق : 10 ] مجازاً مرسلاً ، وقال أبو حيان : الظاهر أن الذكر هو القرآن ، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم فإما أن يجعل نفس الذكر مجازاً أو يكون بدلاً على حذف مضاف أي ذكر رسول ، وقيل : هو نعت على حذف ذلك أي ذا رسول ، وقيل : المضاف محذوف من الأول أي ذا ذكر رسولاً فيكون { رَسُولاً } نعتاً لذلك المحذوف أو بدلاً ، وقيل : { رَسُولاً } منصوب بمقدر مثل أرسل رسولاً دل عليه { أَنَزلَ } ، ونحا إلى هذا السدي واختاره ابن عطية ، وقال الزجاج وأبو علي : يجوز أن يكون معمولاً للمصدر الذي هو ذكر كما في قوله تعالى : { أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً } [ البلد : 14 - 15 ] ، وقول الشاعر : @ بضرب بالسيوف رؤوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل @@ أي أنزل الله تعالى ذكره رسولاً على معنى أنزل الله عز وجل ما يدل على كرامته عنده وزلفاه . ويراد به على ما قيل : القرآن وفيه تعسف ، ومثله جعل { رَسُولاً } بدلاً منه على أنه بمعنى الرسالة ، وقال الكلبـي : الرسول هٰهنا جبريل عليه السلام ، وجعل بدلاً أيضاً من { ذِكْراً } [ الطلاق : 10 ] وإطلاق الذكر عليه لكثرة ذكره فهو من الوصف بالمصدر مبالغة كرجل عدل أو لنزوله بالذكر وهو القرآن ، فبينهما ملابسة نحو الحلول ، أو لأنه عليه السلام مذكور في السماوات وفي الأمم ، فالمصدر بمعنى المفعول كما في درهم ضرب الأمير ، وقد يفسر الذكر حينئذ بالشرف كما في قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [ الزخرف : 44 ] فيكون كأنه في نفسه شرف إما لأنه شرف للمنزل عليه ، وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله عز وجل كقوله تعالى : { عِندَ ذِى ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } [ التكوير : 20 ] / وفي « الكشف » إذا أريد بالذكر القرآن وبالرسول جبريل عليه السلام يكون البدل بدل اشتمال ، وإذا أريد بالذكر الشرف وغيره يكون من بدل الكل فتدبر . وقرىء ( رسول ) على إضمار هو . وقوله تعالى : { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ مُبَيّنَـٰتٍ } نعت لرسولاً وهو الظاهر ، وقيل : حال من اسم { ٱللَّهِ } تعالى ، ونسبة التلاوة إليه سبحانه مجازية كبني الأمير المدينة ، و { ءَايَٰتِ اللهِ } القرآن ، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر على أحد الأوجه ، و { مُبَيّنَـٰتٍ } حال منها أي حال كونها مبينات لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام . وقرىء { مُبَيّنَـٰتٍ } أي بينها الله تعالى كقوله سبحانه : { قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الأَيَـٰتِ } [ آل عمران : 118 ] . واللام في قوله تعالى : { لّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ } متعلق بأنزل أو بيتلو وفاعل يخرج على الثاني ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام أو ضميره عز وجل . والمراد بالموصول المؤمنون بعد إنزال الذكر وقبل نزول هذه الآية ؛ أو من علم سبحانه وقدر أنه سيؤمن أي ليحصل لهم الرسول أو الله عز وجل ماهم عليه الآن من الإيمان والعمل الصالح ، أو ليخرج من علم وقدر أنه يؤمن من أنواع الضلالات إلى الهدى ، فالمضي إما بالنظر لنزول هذه الآية أو باعتبار علمه تعالى وتقديره سبحانه الأزلي . { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـٰلِحاً } حسبما بين في تضاعيف ما أنزل من الآيات المبينات { يُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } وقرأ نافع وابن عامر ندخله بنون العظمة . وقوله تعالى : { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } حال من مفعول { يُدْخِلْهُ } والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها ، وقوله تعالى : { قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُ رِزْقاً } حال أخرى منه أو من الضمير في { خَـٰلِدِينَ } بطريق التداخل ، وإفراد ضمير { لَهُ } باعتبار اللفظ أيضاً ، وفيه معنى التعجيب والتعظيم لما رزقه الله تعالى المؤمنين من الثواب وإلا لم يكن في الإخبار بما ذكر هٰهنا كثير فائدة كما لا يخفى . واستدل أكثر النحويين بهذه الآية على جواز مراعاة اللفظ أولاً ثم مراعات المعنى ثم مراعات اللفظ ، وزعم بعضهم أن ما فيها ليس كما ذكر لأن الضمير في { خَـٰلِدِينَ } ليس عائداً على ( من ) كالضمائر قبل ، وإنما هو عائد على مفعول يدخل و { خَـٰلِدِينَ } حال منه ، والعامل فيها يدخل لا فعل الشرط وهو كما ترى .