Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 63-63)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
جواب عن كلامهم فلذلك لم تعطف جملة { قال } وهو الشّأن في حكاية المحاورات كما تقدّم غير مرة . وابتداء الجواب بالنّداء لقصد التّنبيه إلى ما سيقوله اهتماماً بشأنه . وخاطبهم بوصف القوميّة له للغرض الذي تقدّم في قصة نوح . والكلام في قوله { أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي وآتاني منه رحمة } كالكلام على نظيرها في قصة نوح . وإنّما يتّجه هنا أن يسأل عن موجب تقديم { منه } على { رحمة } هنا ، وتأخير { من عنده } هود 28 عن { رحمة } هود 28 في قصة نوح السابقة . فالجواب لأنّ ذلك مع ما فيه من التّفنن بعدم التزام طريقة واحدة في إعادة الكلام المتماثل ، هو أيضاً أسعد بالبيان في وضوح الدّلالة ودفع اللبس . فلمّا كان مجرور من الابتدائية ظرفاً وهو عند كان صريحاً في وصف الرّحمة بصفة تدلّ على الاعتناء الربّانيّ بها وبمَن أوتيَهَا . ولمّا كان المجرور هنا ضمير الجلالة كان الأحسن أن يقع عقب فعل { آتاني } ليكون تقييدُ الإيتاء بأنّه من الله مشير إلى إيتاء خاص ذي عناية بالمؤتى إذ لولا ذلك لكان كونه من الله تحصيلاً لما أفيد من إسناد الإيتاء إليه ، فتعيّن أن يكون المراد إيتاءً خاصاً ، ولو أوقع { منه } عقب { رحمة } لتوهّم السامع أنّ ذلك عوض عن الإضافة ، أي عن أن يقال وآتاني رحمته ، كقوله { ولنجعله آيةً للنّاس ورحمةً منا } مريم 21 أي ورحمتنا لهم ، أي لنعظَهم ونرحَمَهم . وجملة { فمن ينصرني من الله } جواب الشرط وهو { إن كنت على بيّنة } . والمعنى إلزام وجدل ، أي إن كنتم تنكرون نبوءتي وتوبّخونني على دعوتكم فأنا مؤمن بأنّي على بيّنة من ربّي ، أفترون أنّي أعدل عن يقيني إلى شكّكم ، وكيف تتوقّعون منّي ذلك وأنتم تعلمون أنّ يقيني بذلك يجعلني خائفاً من عذاب الله إن عصيته ولا أحد ينصرني . والكلام على قوله { مَنْ ينصرني من الله إن عصيته } كالكلام على قوله { من ينصرني من الله إن طردتهم } هود 30 في قصة نوح . وفُرع على الاستفهام الإنكاري جملة { فما تزيدونني غيرَ تخسير } أي إذ كان ذلك فما دعاؤكم إيّاي إلا سعي في خسراني . والمراد بالزيادة حدوث حال لم يكن موجوداً لأنّ ذلك زيادة في أحوال الإنسان ، أي فما يحدث لي إن اتّبعتُكم وعصيتُ الله إلاّ الخسرانُ ، كقوله تعالى حكاية عن نوح عليه السّلام { فلم يزدهم دعائي إلاّ فِرارا } نوح 6 ، أي كنت أدعوهم وهم يسمعون فلمّا كرّرت دعوتهم زادوا على ما كانوا عليه ففرُّوا ، وليس المعنى أنّهم كانوا يفرّون فزادوا في الفرار لأنّه لو كان كذلك لقيل هنالك فلم يزدهم دعائي إلاّ من فرار ، ولقيل هنا فما تزيدونني إلاّ من تخسير . والتّخسير ، مصدر خسر ، إذا جعله خاسراً .