Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-45)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } . عطف على جملة { ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون } إبراهيم 42 ، أي تَسَلّ عنهم ولاتملل من د عوتهم وأنذرهم . والناس يعم جميع البشر . والمقصود الكافرون ، بقرينة قوله { يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا } . ولك أن تجعل الناس ناساً معهودين وهم المشركون . و { يوم يأتيهم العذاب } . منصوب على أنه مفعول ثانٍ لــــ { أنذر } ، وهو مضاف إلى الجملة . وفعل الإنذار يتعدى إلى مفعول ثانٍ على التوسع لتضمينه معنى التحذير ، كما في الحديث " ما من نبي إلا أنذر قومه الدجال " وإتيان العذاب مستعمل في معنى وقوعه مجازاً مرسلاً . والعذاب عذاب الآخرة ، أو عذاب الدنيا الذي هُدّد به المشركون . و { الذين ظلموا } المشركون . وطلب تأخير العذاب إن كان مراداً به عذاب الآخرة فالتأخير بمعنى تأخير الحساب ، أي يقول الذين ظلموا أرجعنا إلى الدنيا لنجيب دعوتك . وهذا كما في قوله تعالى { رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت } سورة المؤمنون 99 ، 100 ، فالتأخير مستعمل في الإعادة إلى الحياة الدنيا مجازاً مرسلاً بعلاقة الأول . والرسل جميع الرسل الذي جاءُوهم بدعوة الله . وإن حمل على عذاب الدنيا فالمعنى أن المشركين يقولون ذلك حين يرون ابتداء العذاب فيهم . فالتأخير على هذا حقيقة . والرسل على هذا المحمل مستعمل في الواحد مجازاً ، والمراد به محمد . والقريب القليل الزمن . شبه الزمان بالمسافة ، أي أخّرنا مقدار ما نجيب به دعوتك . { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } لما ذُكر قبل هذه الجملة طلب الذين ظلموا من ربهم تعين أن الكلام الواقع بعدها يتضمن الجواب عن طلبهم فهو بتقدير قول محذوف ، أي يقال لهم . وقد عُدل عن الجواب بالإجابة أو الرفض إلى التقرير والتوبيخ لأن ذلك يستلزم رفض ما سألوه . وافتتحت جملة الجواب بواو العطف تنبيهاً على معطوف عليه مقدر هو رفض ما سَألوه ، حُذف إيجازاً لأن شأن مستحق التوبيخ أن لا يعطى سؤله . التقدير كلا وألَم تكونوا أقسمتم … الخ . والزوال الانتقال من المكان . وأريد به هنا الزوال من القبور إلى الحساب . وحذف متعلق { زوال } لظهور المراد ، قال تعالى { وأقسموا بالله جهَد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } سورة النحل 38 . وجملة { ما لكم من زوال } بيان لجملة { أقسمتم } . وليست على تقدير قول محذوف ولذلك لم يسرع فيها طريق ضمير المتكلم فلم يقل ما لنا من زوال ، بل جيء بضمير الخطاب المناسب لقوله { أولم تكونوا أقسمتم } . وهذا القسم قد يكون صادر من جميع الظالمين حين كانوا في الدنيا لأنهم كانوا يتلقون تعاليم واحدة في الشرك يتلقاها الخلف عن سلفهم . ويجوز أن يكون ذلك صادراً من معظم هذه الأمم أو بعضها ولكن بقيتهم مضمرون لمعنى هذا القسم . وكذلك الخطاب في قوله { وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم } فإنه يعم جميع أمم الشرك عدا الأمة الأولى منهم . وهذا من تخصيص العموم بالعقل إذ لا بد أن تكون الأمة الأولى من أهل الشرك لم تسكن في مساكن مشركين . والمراد بالسكنى الحلول ، ولذلك عُدّي بحرف الظرفية خلافاً لأصل فعله المتعدي بنفسه . وكان العرب يمرون على ديار ثمود في رحلتهم إلى الشام ويحطون الرحال هنالك ، ويمرون على ديار عاد في رحلتهم إلى اليمن . وتبيّنُ ما فعل الله بهم من العقاب حاصل من مشاهدة آثار العذاب من خسف وفناء استئصال . وضَرب الأمثال بأقوال المواعظ على ألسنة الرسل ــــ عليهم السلام ــــ ، ووصف الأحوال الخفية . وقد جمع لهم في إقامة الحجة بين دلائل الآثار والمشاهدة ودلائل الموعظة .