Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 46-46)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يجوز أن يكون عطفَ خبر على خبر ، ويجوز أن يكون حالاً من { الناس } في قوله { وأنذر الناس } ، أي أنذرهم في حال وقوع مكرهم . والمكر تبييت فعل السوء بالغير وإضمارُهُ . وتقدم في قوله تعالى { ومكروا ومكر الله } في سورة آل عمران 54 ، وفي قوله { أفأمنوا مكر الله } في سورة الأعراف 99 . وانتصب { مكرهم } الأول على أنه مفعول مطلق لفعل { مكروا } لبيان النوع ، أي المكر الذي اشتهروا به ، فإضافة { مكر } إلى ضمير { هم } من إضافة المصدر إلى فاعله . وكذلك إضافة { مكر } الثاني إلى ضمير { هم } . والعندية إما عندية عِلم ، أي وفي علم الله مكرهم ، فهو تعري بالوعيد والتهديد بالمؤاخذة بسوء فعلهم ، وإما عندية تكوين ما سُمي بمكر الله وتقديره في إرادة الله فيكون وعيداً بالجزاء على مكرهم . وقرأ الجمهور { لتزول } ـــ بكسر اللام وبنصب الفعل المضارع بعدها ـــ فتكون إن نافية ولام { لتزول } لام الجحود ، أي وما كان مكرهم زائلة منه الجبال ، وهو استخفاف بهم ، أي ليس مكرهم بمتجاوز مكر أمثالهم ، وما هو بالذي تزول منه الجبال . وفي هذا تعريض بأن الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين يريد المشركون المكر بهم لا يزعزعهم مكرهم لأنهم كالجبال الرواسي . وقرأ الكسائي وحده ــــ بفتح اللام الأولى ــــ من { لَتزولُ } ورفع اللام الثانية على أن تكون { إنْ } مخففة من { إنْ } المؤكدة وقد أكمل إعمالها ، واللام فارقة بينها وبين النافية ، فيكون الكلام إثباتاً لزوال الجبال من مكرهم ، أي هو مكر عظيم لَتزول منه الجبال لو كان لها أن تزول ، أي جديرة ، فهو مستعمل في معنى الجدارة والتأهل للزوال لو كانت زائلة . وهذا من المبالغة في حصول أمر شنيع أو شديد في نوعه على نحو قوله تعالى { تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً } سورة مريم 90 .