Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 80-84)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جُمِعتْ قصص هؤلاء الأمم الثّلاث قوممِ لوط ، وأصحابِ الأيكة ، وأصحاب الحجر في نسق ، لتماثل حال العذاب الّذي سلط عليها وهو عذاب الصّيحة والرّجفة والصّاعقة . وأصحاب الحِجر هم ثمود كانوا ينزلون الحِجر ــــ بكسر الحاء وسكون الجيم ــــ . والحجر المكان المحجور ، أي الممنوع من النّاس بسبب اختصاص به ، أو اشتقّ من الحجارة لأنهم كانوا ينحتون بيوتهم في صخر الجبل نحتاً محكماً . وقد جعلت طبقات وفي وسطها بئر عظيمة وبئار كثيرة . والحجر هو المعروف بوادي القرى وهو بين المدينة والشّام ، وهو المعروف اليوم باسم مدائن صالح على الطريق من خيبر إلى تبوك . وأما حَجر اليمامة مدينةُ بني حنيفة فهي ــــ بفتح الحاء ــــ وهي في بلاد نَجد وتسمى العَروض وهي اليوم من بلاد البحرين . وقد توهّم بعض المستشرقين من الإفرنج أن البيوت المنحوتة في ذلك الجبل كانت قبوراً ، وتعلقوا بحجج وهمية . ومما يفنّد أقوالهم خلوّ تلك الكهوف عن أجساد آدمية . وإذا كانت تلك قبوراً فأين كانت منازل الأحياء ؟ . والظاهر أن ثمود لما أخذتهم الصّيحة كانوا منتشرين في خارج البيوت لقوله تعالى { فأخذتهم الصيحة مصبحين } . وقد وُجدت في مداخل تلك البيوت نقر صغيرة تدلّ على أنّها مجعولة لوصد أبواب المداخل في اللّيل . وتعريف { المرسلين } للجنس ، فيصدق بالواحد ، إذ المراد أنّهم كذبوا صالحاً ــــ عليه السلام ــــ فهو كقوله تعالى { كذبت قوم نوح المرسلين } سورة الشعراء 105 . وقد تقدم . وكذلك جمع الآيات في قوله آياتنا مراد به الجنس ، وهي آية النّاقة ، أو أريد أنها آية تشتمل على آيات في كيفيّة خروجها من صخرة ، وحياتها ، ورعيها ، وشربها . وقد روي أنّها خرج معها فصيلها ، فهما آيتان . وجملة { وكانوا ينحتون } معترضة . والنّحتُ بَرْي الحجر أوالعود من وسطه أو من جوانبه . و { من الجبال } تبعيض متعلق بــــ { ينحتون } . والمعنى من صخر الجبال ، لما دلّ عليه فعل { ينحتون } . و { آمنين } حال من ضمير { ينحتون } وهي حال مقدرة ، أي مقدرين أن يكونوا آمنين عقب نحتها وسكناها . وكانت لهم بمنزلة الحصون لا ينالهم فيها العدو . ولكنهم نسوا أنها لا تأمنهم من عذاب الله فلذلك قال { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } . والفاء في { فأخذتهم الصيحة } للتعقيب والسببية . و { مصبحين } حال ، أي داخلين في وقت الصّباح . و { ما كانوا يكسبون } أي يصنعون ، أي البيوت التي عُنوا بتحصينها وتحسينها كما دلّ عليه فعل { كانوا } . وصيغة المضارع في { يكسبون } لدلالتها على التكرّر والتجدّد المكنّى به عن إتقان الصنعة . وبذلك كان موقع الموصول والصلة أبلغ من موقع لفظ بيوتهم مثلاً ، ليدل على أن الذي لم يغن عنهم شيءٌ متّخذ للإغناء ومن شأنه ذلك .