Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 78-79)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِن كَانَ أَصْحَـٰبُ ٱلأَيْكَةِ لَظَـٰلِمِينَ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } . عطف قصة على قصة لما في كلتيهما من الموعظة . وذكر هاتين القصّتين المعطوفتين تكميل وإدماج ، إذ لا علاقة بينهما وبين ما قبلهما من قصة إبراهيم والملائكة . وخصّ بالذكر أصحاب الأيكة وأصحاب الحِجر لأنهم مثل قوم لوط في موعظة المشركين من الملائكة لأن أهل مكة يشاهدون ديار هذه الأمم الثّلاث . و { إنْ } مخفّفة إنّ وقد أهمل عملها بالتخفيف فدخلت على جملة فعلية . واللام الداخلة على الظالمين اللام الفارقة بين إن التي أصلها مشددة وبين إن النافية . و { الأيكة } الغيضة من الأشجار الملتفّ بعضها ببعض . واسم الجمع أيك ، وأطلقت هنا مراداً بها الجنس إذ قد كانت منازلهم في غيضة من الأشجار الكثيرة الورق . وقد تخفّف الأيكة فيقال ليكة . و { أصحاب الأيكة } هم قوم شعيب ــــ عليه السلام ــــ وهم مَدْيَن . وقيل أصحاب الأيكة فريق من قوم شُعيب غير أهل مدين . فأهل مدين هم سكان الحاضرة وأصحاب الأيكة هم باديتهم ، وكان شُعيب رسولاً إليهم جميعاً . قال تعالى { كذب أصحاب ليكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون } سورة الشعراء 176 - 177 . وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في سورة الشّعراء . والظالمون المشركون . والانتقام العقوبة لأجل ذنب ، مشتّقة من النّقم ، وهو الإنكار على الفعل . يقال نقم عليه كما في هذه الآية ، ونقم منه أيضاً . وتقدم في قوله { وما تنقم منا } في سورة الأعراف 126 . وأجمل الانتقام في هذه الآية وبيّن في آيات أخرى مثل آية هود . { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } ضمير { إنهما } لقرية قوم لوط وأيكة قوم شعيب ــــ عليهما السلام ــــ … والإمام الطريق الواضح لأنه يأتمّ به السائر ، أي يعرف أنه يوصل إذ لا يخفى عنه شيء منه . والمبين البيّن ، أي أن كلتا القريتين بطريق القوافل بأهل مكّة . وقد تقدم آنفاً قوله { وإنها لبسبيل مقيم } سورة الحجر 76 فإدخال مدينة لوط عليه السلام في الضمير هنا تأكيد للأول . ويظهر أن ضمير التثنية عائد على أصحاب الأيكة باعتبار أنهم قبيلتان ، وهما مدين وسكان الغيضة الأصليون الذين نزل مدين بجوارهم ، فإن إبراهيم عليه السلام أسكن ابنه مَدين في شرق بلاد الخليل ، ولا يكون إلا في أرض مأهولة . وهذا عندي هو مقتضى ذكر قوم شعيْب عليه السلام باسم مَدين مرّات وباسم أصحاب الأيكة مرّات . وسيأتي لذلك زيادة إيضاح في سورة الشّعراء .